زيت الزيتون المزيف يهدد الاقتصاد والصحة العامة في دول البحرالمتوسط

نُشر في CNN تقريرًا يفيد أن زيت الزيتون البكر الفاخر أصبح مكلفًا جدًا في الوقت الحالي، وقد يكون هناك حتى مشكلة في حقيقته، ويُعتبر زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي والثقافة البحر الأبيض المتوسط منذ آلاف السنين.

وقبل أن يتم تقديمه على المائدة، كان يُستخدم للغرض الطبي والديني، وقد حصل على لقب "الذهب السائل" في الملحمة الأدبية للشاعر اليوناني القديم هوميروس.

التزوير والتلاعب: كيف تحول زيت الزيتون البكر إلى عملية إجرامية عابرة للحدود

تُشير التقارير إلى أن هناك عصابات إجرامية تستغل الطلب العالي على زيت الزيتون البكر الفاخر من إيطاليا وإسبانيا واليونان، وتبيع زيتًا مزيفًا يحتوي على زيوت أخرى مثل زيت دوار الشمس أو زيت الكانولا أو حتى زيت الزيتون المستخدم في العبوات الكهربائية، ويتم بيع هذه المنتجات المزيفة بأسعار تصل إلى 30 دولارًا للتر الواحد في الولايات المتحدة.

في نوفمبر الماضي، ألقت السلطات في إسبانيا وإيطاليا القبض على 11 شخصًا ينتمون إلى إحدى هذه العصابات الإجرامية، وضبطت 12 برميلاً يحتوي على حوالي 260 ألف لتر من زيت الزيتون المغشوش، كما تم ضبط 5,200 لتر إضافية من زيت الزيتون ذو الجودة العالية الذي كان جاهزًا للتصدير، وأكدت السلطات أنه "غير صالح للاستهلاك" على الرغم من التسميات المضللة التي تدعي أن الزيت مصنوع 100٪ من الزيتون الإيطالي أو الإسباني.

وعثرت السلطات أيضا على 91 ألف يورو نقدا، وأربع سيارات راقية، وملصقات مزورة، وأوراق تفيد بأن الزيت مزروع في إسبانيا وإيطاليا عندما كشفت اختبارات العينات أنه من المرجح أن يكون مصنوعا عن طريق خلط المنتجات الثانوية لزيت الزيتون مع أنواع أخرى من الزيت. ‏
زيت الزيتون البكر الممتاز تحت تهديد التلاعب وسرقة الأشجار
وأضافت وكالة إنفاذ القانون: "لسوء الحظ، يعد تزوير زيت الزيتون البكر الممتاز ممارسة شائعة، ولهذا السبب تعتبر مكافحته أولوية لإنفاذ القانون - خاصة في بلدان الإنتاج".

وقالت منظمة كولديريتي، المنظمة الزراعية الرئيسية في إيطاليا، إن خلط زيت الزيتون عالي الجودة مع منتجات أقل أصبح ممارسة شائعة حيث أن الطلب المتزايد على صادرات زيت البحر المتوسط يقابله انخفاض معدلات الإنتاج بسبب الظروف المناخية القاسية المتزايدة.

كما يستخدم المحتالون بشكل متزايد الكلوروفيل أو البيتا كاروتين لتلوين الزيت بألوانه المميزة باللون الأخضر أو الأصفر الزبداني، وعلى الرغم من أن منتجاتهم المغشوشة بعيدة كل البعد عن الأصالة، إلا أن العصابات الإجرامية بحاجة إلى زيت الزيتون عالي الجودة كزيت القاعدة المستخدم في خلطاتهم.

وقد أدى ذلك إلى زيادة سرقة الأشجار الزيتونية بأكملها أو الفروع المثمرة، في اليونان وإيطاليا، يقوم اللصوص بانتظام بقطع الأشجار القديمة باستخدام مناشير سلسلة لسرقة الفروع المحملة بالزيتون.

عملية حصاد الزيتون عملية حساسة، لذا فإن سرقة الأشجار بأكملها أو الفروع أسهل من قطف الثمار، على الرغم من أن ذلك غالبًا ما يتسبب في تلف شديد للأشجار.

تقرير الاتحاد الأوروبي: زيت الزيتون بين أكثر الأطعمة تسمية مزيفة في أوروبا
كما أفادت السلطات في اليونان وإسبانيا وإيطاليا بزيادة حوادث الاقتحام في مستودعات الزيتون وتدمير معدات الحصاد في محاولة لتأخير الحصاد حتى يتمكن اللصوص من سرقة الزيتون بدلاً منه.

أفادت تقارير بأن السلطات الإيطالية قد أغلقت موقعًا رياضيًا للتزلج بسبب التغيرات المناخية وتخطط لإعادة فتحه باستخدام الثلج الاصطناعي، ولكن ليس الجميع سعداء بهذا القرار.

وفقًا لتقرير صادر عن المفوضية الأوروبية في عام 2022، فإن زيت الزيتون هو أحد أطعمة التسمية المزيفة بشكل كبير في أوروبا وأحد أكثر الأطعمة التي يتم التحقيق فيها بشكل متكرر.

تقول "كولديريتي" إن عملية تزييف زيت الزيتون مدفوعة بالطلب، ومن المرجح ألا تنخفض أسعار زيت الزيتون البكر الممتاز في أي وقت قريب، على الرغم من المحصول السيء في عام 2023، بعد الجفاف الذي تعرضت له إسبانيا في عام 2022، ارتفعت أسعار زيت الزيتون الإسباني (أكبر منتج للنوع البكر الممتاز في العالم) بنسبة تزيد عن 80%، وفقًا للاتحاد الأوروبي، وارتفع سعر الزيت الإيطالي بنسبة 66% على الرغم من أن محصول العام الماضي لم يكن دون المتوسط.

هذا العام، عانت كلتا البلدين من نقص كبير في الإنتاج، مما يعني أنمن المتوقع ارتفاع أسعار موسم التصدير لعام 2024 بشكل أكبر، مما يجعل السوق أكثر جاذبية للمجرمين.
تقول يوروبول: "عن طريق خلط زيت الزيتون من الفئة الاستهلاكية مع بدائل درجة أقل، تمكنت العصابات من تقديم أسعار تنافسية أثناء دخولها لسلاسل التوريد القانونية".

وحذر البيان من أن "هذه الممارسة غير القانونية يمكن أن تشكل خطرًا على الصحة العامة، وتضعف أيضًا ثقة المستهلكين وبالتالي تسبب تداعيات اقتصادية إضافية".
تحذير من التلاعب: الجمعية تحذر من تسلل منتجات مغشوشة إلى سوق زيت الزيتون
ووفقًا لجمعية زيت الزيتون الشمالية الأمريكية، فإنه من غير المرجح أن تكون منتجات زيت الزيتون المزيفة متوفرة للبيع في الولايات المتحدة، حيث لم يتم العثور على أي تزييف في العينات التي تم اختبارها وفقًا لبحث أجرته إدارة الغذاء والدواء.

قال جوزيف ر. بروفاشي، المدير التنفيذي لجمعية الزيتون الشمالية الأمريكية، "في الواقع، يجب أن يكون للمستهلكين الأمريكيين مستوى عالٍ من الثقة في جودة وأصالة زيت الزيتون الذي يشترونه".

وأضاف بروفاشي أن الجمعية تقوم بإجراء دراسة شاملة ودقيقة لاختبار زيت الزيتون، بهدف التأكد من عدم وجود منتجات مغشوشة تتسلل إلى الأسواق الأمريكية.

وقال: "على الرغم من أن اختباراتنا الروتينية لم تشير إلى أي زيادة في تسمية زيت الزيتون بشكل متعمد أو تزوير في عام 2023، إلا أن الأسعار العالية الحالية والإمدادات المحدودة قد تخلق حافزًا إضافيًا لارتكاب الأفعال الخاطئة، نأمل أن تساهم هذه الدراسة في تثبيت مثل هذا السلوك، وفي نفس الوقت، تعطي المستهلكين ضمانات يستحقونها".

وتشير التقارير أيضًا إلى أن الطلب المتزايد على زيت الزيتون ومواسم الحصاد الضعيفة في الآونة الأخيرة أدت إلى زيادة حادة في أسعار زيت الزيتون، وتُعد العوامل المساهمة في ذلك هي التضخم العام للأسعار وانخفاض إنتاج زيت الزيتون وزيادة الطلب، وقد أدى هذا إلى ظهور مزيد من المنتجات المغشوش