"من السوبر ماركت إلى الدم"... رحلة البلاستيك في جسم الإنسان
سارة كفافي
الخميس , 22-02-2024 10:02 ص
AAA
في
الآونة الأخيرة، أصبحت قضية البلاستيك محط اهتمام متنامٍ سواء كان على الصعيد
العالمي أو المحلي، حيث تتجلى التحديات في معالجة المرافق الخاصة بإعادة التدوير التي
تتراكم فيها المواد البلاستيكية، وفي التصدي للتلوث الناجم عن تسرب البلاستيك إلى
بيئتنا، سواء كان ذلك في المحيطات عبر الحبال البلاستيكية أو الجسيمات النانوية.
ومع استمرار هذا التلوث البلاستيكي في الازدياد، فإنه يعتبر تحديًا بيئيًا وصحيًا
يتجاوز حدود السيطرة، مما ينذر بتأثيرات خطيرة على البيئة والصحة العامة.
ومع تطور الأبحاث في مجال البلاستيك، بدأ الباحثون في فهم أعمق للتأثيرات السلبية
التي يمكن أن يكون لها البلاستيك على صحتنا، فما كان يُعتبر سابقًا مشكلة بيئية فقط، أصبح الآن تحديًا صحيًا ملحًا يواجه
الإنسان، حيث أظهرت الأبحاث أن البلاستيك قد تسلل إلى النظام الغذائي اليومي.
مخاطر الغذاء يعتمد النظام الغذائي الأمريكي القياسي (SAD)، بشكل كبير على الأطعمة الفائقة المعالجة،
والسكريات المضافة، والدهون، والصوديوم.
وكل هذه العناصر تعتبر ضارة لصحتنا وتقلل
من جودة حياة وعمر المرء.
والآن، يمكن أن نضيف عنصرًا جديدًا إلى
هذه القائمة، وهو البلاستيك، الذي يبدو أنه قد انضم إلى قائمة العوامل التي تؤثر
سلبًا على الصحة بشكل كبير.
البلاستيك النانوي في الغذاء وفقًا
لدراسة أجراها الصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) لعام 2019، يستهلك البشر ما يعادل متوسط بطاقة
الائتمان من البلاستيك كل أسبوع، أو حوالي 52 بطاقة ائتمان كل عام.
وذكرت أحد مؤلفي
الدراسة، فيبي ستابلتون، الأستاذة المساعدة في علم الأدوية والسموم بجامعة روتجرز،
أن البحث لا يأخذ في الاعتبار المواد
البلاستيكية النانوية التي يتم استهلاكها أيضًا.
في حين، تركز الأبحاث في الغالب على المواد البلاستيكية الدقيقة (أجزاء البلاستيك)،
التي تكون أصغر من 5مم وأكبر من 1 ميكرون (1/1000( من مليمتر
في الطول.
تأتي المواد البلاستيكية النانوية، التي يبلغ قياسها أقل من 1 ميكرون (أرفع من شعرة
الإنسان)، حيث يعتقد أنها أكثر سمية، نظرًا لحجمها الأصغر، والتي بالتالي يُسهل
عليها دخول الأعضاء البشرية ومجرى الدم.
ولكن يظل هنا محور السؤال: كيف يمكن للمواد البلاستيكية
وغيرها أن تشق طريقها إلى السلسة الغذائية؟
القهوة الجاهزة
لنبدأ بشيء بسيط وشائع
جدًا حول العالم، إلا وهو "القهوة الجاهزة"، لننظر معًا قد يبدو فنجانين
القهوة الجاهزة المصنوعة في الغالب من الورق، غير ضار في البداية.
ومع ذلك، يجهل الكثيرون أن الجزء الداخلي لمعظم الأكواب الورقية، والتي تمثل حوالي
من 5 إلى 10% من الكوب، مغطى بطبقة بلاستيكية رقيقة.
ولكن لماذا يمثل هذا خطرًا؟ وجدت دراسة نشرت في مجلة Nature عام 2023، أنه عند سكب سائل ساخن في الكوب، تبدأ المواد الكيميائية السامة في
التسرب من هذه الطبقة البلاستيكية الرقيقة، لـ ينتهي بها الحال في معدتنا.
ليس ذلك فقط، بل كشف بحث هندي في عام 2019، أنه بعد حوالي 15 دقيقة من ملء الكوب
الورقي بسائل ساخن، يتم إطلاق عدد من جزيئات البلاستيك الدقيقة الناشئة من
(البطانة البلاستيكية) – بـ متوسط 25000 جزئ لكل
100 مل من الكوب.
لينطبق الشيء ذاته على معظم مواد التعبئة والتغليف، بداية من صناديق الوجبات الجاهزة
إلى المنتجات اليومية بمحلات البقالة، بما في ذلك (الحليب، والجبن، والخبز).
زجاجات المياه البلاستيكية لنشير إلى أمر آخر وهو "زجاجات المياه البلاستيكية"، والتي أشارت دراسة
أجريت في عام 2019، بأن تلك الزجاجات يمكن أن تتسبب في إطلاق جزيئات غير بلاستيكية
أثناء عمليات التعبئة والتغليف.
كما يمكن أن تكون المياه ذاتها ملوثة في كثير من الأحيان، وذلك لتحلل النفايات
البلاستيكية التي تنتهي في المسطحات المائية، إلى جزيئات صغيرة.
لتبحث دراسة حديثة أخرى في خمس زجاجات مياه مختلف من ثلاث علامات تجارية مشهورة، لتجد
في المتوسط 240 ألف جزئ من سبعة أنواع مختلفة من البلاستيك، معظمها في شكل مواد
بلاستيكية نانوية.
فواكه وخضراوات بأسمدة ضارة ومع ذلك، ليست المنتجات المعبأة فقط هي التي تشق طريقها إلى سلسلتنا الغذائية، حيث وجد أن الفواكه والخضروات
تحتوي على مواد بلاستيكية، نتيجة استخدام العديد من المزارع حول العالم الأسمدة
التي يتم الحصول عليها من أنظمة مياه الصرف الصحي لدينا.
وكشف تحليل عام 2024 من
مجلة Consumer Reports، عن وجود البلاستيك في
نظامنا الغذائي بشكل واسع النطاق.
وجاء في التقرير
أن 84 من أصل 85 منتج سوبر ماركت أظهرت
نتائج إيجابية بالنسبة لوجود مادة الفثالات، وهي مادة كيميائية تستخدم في إنتاج
البلاستيك. وأظهر التقرير أيضًا أن 79% من عينات الطعام تحتوي على مادة البيسفينول
أ، وهي مادة كيميائية أخرى موجودة في البلاستيك.
تقليل التعرض لذلك، ليس من المفاجئ الآن أن توجد المواد البلاستيكية في الدم، حيث أنه يتواجد
حولنا في كل مكان، وهو الأمر الذي يجعل تجنبه أمرًا مستحيلاً، وعلى الرغم من ذلك، فإن إدراك هذه المشكلة واتخاذ خطوات صغيرة لتقليل التعرض يمكن
أن يكون له تأثير كبير.