قد لا يعرف الجيل الحالي، ذلك المشهد الذي أضحكنا جميعا ونحن صغار وهو للفنان نجيب الريحاني في فيلم "سي عمر" حينما كان يصرخ في البائع "عايز سمك بكلاة" ويكرر الجملة ويعيدها عدة مرات بصوت مرتفع، لكن ما هو سمك البكلاة ذلك وما هي قصته؟
ما هو سمك البكلاة؟
بحسب الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية المصرية، يسمى سمك البكلاة أحيانا باكالاو وبالصربية والسلوفانية والكرواتية واليونانية باكالار، وبالعربية سمكة قد والكلمة أصلها من القد والقديد، وهي اللحوم المقددة والمملحة، والعرب كانوا يجوبون بحار الشمال والمحيطات ويقاتلون على الأسماك في رحلاتهم ويحفظون الأسماك بتمليحها وتقديدها.
علاقة سمك البكلاة بنجيب الريحاني
فيلم "سي عمر" من إنتاج عام 1941، حينما كانت مصر وقتها لا تزال تحت حكم التاج البريطاني، وعندما بدأ الإستعمار البريطاني لمصر، وكانت بريطانيا تقوم بإمداد جيشها بالبروتينات هي اللحوم والأسماك المقددة والمملحة، وذلك لحفظها فترات طويلة قبل انتشار المعلبات والمجمدات، وكان هناك نوعين من الأسماك هذه السمكة (القد – بكالاه)، وسمكة الهيرينج المدخن منه بدون ملح يسموه كيبرز والتي تشتهر به إسكتلندا، ويعتبر من أساسيات الإفطار الإسكتلندي مع البيض المقلي لكثير من الأسر الإسكتلندية.
الإسكتلنديون يختلفون عن الإنجليز في الإفطار الذين يفضلون لحم الخنزير والبيض في الإفطار والسمك المملح الذي يفضلوه كان اسمه Red Herings، ومن هنا جاءت التسمية المصرية مشتقة من وقع الكلمة على الأذن عند المصريين فسموها رنجة وانتشرت هذه الأسماك المحفوظة بين المصريين إبان الحرب العالمية الثانية عن طريق المتعاملين مع معسكرات الجيش البريطاني بطريق المقايضة والسرقة أحيانا.
الرنجة والبكلاه
بحسب موقع تنمية الثروة السمكية المصرية، أحب المصريون كلا السمكتين، وبدأت تنتشر في محلات البقالة التي يملكها الأجانب من يونانيين وإيطاليين وأرمن وفرنسيين ومالطيين ليشتريها الأجانب المقيمين في مصر وانتشرت أيضا بين الطبقة الأرستقراطية والبرجوازية المصرية وبعدها الطبقة الشعبية التي عرفت الباكالاه (القد المملح) حسب التسمية اليونانية لها وإن لم تقبل عليها إلا في مواسم معينة مثل آواخر شهر رمضان وعيد الفطر وعرفت أيضا الرنجة.
وجاءت ثورة يوليو وغادر الأجانب مصر وقيد الاستيراد فاختفت أسماك القد المملحة (الباكالاه) و بدأ إستيراد الهيرينج من روسيا ليباع في الأسواق المصرية بأسعار زهيدة، وبدأت التجربة المصرية في تدخين وتمليح الهيرينج ليصبح رنجة وبدأت بدايات متعثرة ونوعية رديئة من الرنجة لعدم الخبرة وتسمم مواطنين جراء ذلك.
أوقفت الدولة مصانع تدخين الأسماك، إلا أنها عادت وتدريجيا تحسنت الصناعة حتى وصلت إلى ما هو عليه الآن ولكن لا تزال حتى الآن لا تضاهي أسماك الرنجة البريطانية والهولندية والنرويجية حيث المناخ المناسب والأخشاب المناسبة للتدخين، وهي عادة أشجار الصنوبر والبلوط والتي تعطي رائحة مميزة للرنجة تشتهر بها عالميا وتجعل المذاق طيبا ومرغوبا.
سمك بكلاه
سمك القد
سمك كيبرز مدخن
All rights reserved. food today eg © 2022