رمضان في مصر حاجة تانية... حكاية "موائد الرحمن" متى بدأت وكيف استمرت؟
سارة داغر
الإثنين , 12-02-2024 1:35 م
AAA
يعد شهر
رمضان المبارك بمثابة الخير على الامة الإسلامية، وتكثر فيه مظاهر الاحسان، ومن
بين اهم العادات الرمضانية المتواجدة في كل منطقة داخل مصر هي " موائد الرحمن".
وترتبط "موائد
الرحمن" بشكل وثيق بشهر رمضان المبارك، يساهم جميع الأشخاص في تحضرها، فهناك
من يقومون بتجهيزها لإفطار الصائمين طيلة الشهر.
ولكن متى
بدأت موائد الرحمن؟ اختلف المؤرخون
حول بداية موائد الرحمن، هناك من قال انها ترجع الى عهد الرسول محمد صلى الله عليه
وسلم، ومنهم من يزعم انها تعود الى عصر احمد ابن طولون، وآخرون نسبوها الى عهد
المعز لدين الله الفاطمي، ولكن متى وأين كانت البداية الحقيقة؟
البداية
الحقيقة لموائد الرحمن في البداية، ظهرت موائد الرحمن في عهد رسول
الله محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قدم وفد من الطائف إلى المدينة وأسلموا، واستقروا
في المدينة لفترة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل إليهم الإفطار والسحور
بمساعدة "بلال بن رباح".
بعد ذلك، قام الخلفاء الراشدون بأجراء هذا
العمل الخيري، حيث أسس سيدنا عمر بن الخطاب دارًا للضيافة حيث يُفطر فيها الصائمون،
ومن هذه المبادرات نشأت فكرة موائد الرحمن التي أقامها أحمد بن طولون في عام 880م.
بهذه الطريقة، ظهرت موائد الرحمن كمظهر من
مظاهر الإحسان والتكافل الاجتماعي في المجتمع الإسلامي، حيث يتم تقديم الطعام
للصائمين والمحتاجين خلال شهر رمضان المبارك وخارجه.
أول مائدة رحمن في مصر قرر "احمد ابن طولون" عام 880م، إقامة
اول مائدة رحمن في مصر جاء ذلك خلال السنة الرابعة من توليه حكم مصر، وأخبر الجميع
بأن تلك المائدة سوف تستمر طوال أيام الشهر المبارك، ولكنها اختفت بعد مرور فترة
من اقامتها بشكل دوري.
عهد الخليفة
الفاطمي يشهد مائدة رحمن بطول 175 متر بعد ان اختفت
موائد الرحمن لفترة طويلة، عادت للظهور مره أخرى في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حيث أقام مائدة في شهر رمضان يُفطر عليها أهل
جامع عمرو بن العاص، وكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي يُخرج من قصره 1100 قدر
من جميع أنواع الطعام لتوزيعها على الفقراء، وأطلقوا عليها آنذاك اسم "دار
الفطرة" ووصل طولها الى 175 متر، وبعد ذلك بدأت إقامة الموائد تندثر في فترة العصر
المملوكي والعثماني بسبب الحروب.
هل استمرت
الموائد في عهد المماليك؟ استمر الحكام
في عصر المماليك في أقامه موائد الرحمن، وخصص بعض سلاطينهم أملاكا للأنفاق على هذه
الموائد، ومن بينهم السلطان حين ابن قلاوون الذي انشاء وقفًا خاصًا لشراء اللحوم
والخضر والأرز وغير من مستلزمات الطعام لأعداد أشهى وجبات الإفطار للصائمين.
كان جميع الحكام يهتمون بإقامة موائد الرحمن في
ساحات قصورهم وفى الأماكن العامة، حتى وإن كانت تختلف حجم المائدة وعدد المترددين
عليها من الصائمين من فترة إلى أخري.
عهد الملك فاروق اعتنى الملك
فاروق كثيرًا بأحياء موائد الرحمن، وكان عادةً ما يقيمها في الفناء الداخلي لقصر
عابدين وطلب من المحافظين إقامة الموائد في جميع محافظات مصر.
وعلى إثر ذلك كانت تُنصب السراديق في مناطق
مختلفة مثل إمبابة، الجيزة، الحوامدية، البدرشين، الصف، والعياط، حيث يتم تلاوة
القرآن الكريم فيها قبل آذان المغرب، يتبع ذلك تقديم "موائد ملكية"
لتقديم الطعام للفقراء والمحتاجين.
أشهر موائد
الرحمن في مصر تتعد أماكن إقامة
موائد الرحمن في مصر، فتتواجد في مساجد مختلفة مثل جامع لأزهر والفتح ومصطفى محمود في القاهرة، ومسجد السيد البدوي في طنطا، ومسجد
عبد الرحيم القناوى في قنا، وفى بعض الأحيان يقوم المنظمون لهذه الموائد بإرسال
وجبات الطعام إلى منازل كبار السن ومن لا تسمح ظروفهم بالحضور.
وانتشرت بشكل كبير في فترة حظر التجمعات خلال
جائحة كورونا، ونجدها أيضا في كثير من الشوارع، وعند إشارات المرور في المدن وفى
الطرق التي تربط بين القرى والمدن شبابا يوزعون أكوابا من العصير وأكياسا من التمر
وزجاجات المياه على المارة وراكبي السيارات في وقت الإفطار.
اهم مائدة رحمن تحدث في مصر هذه الأيام ولعل من أشهر موائد الرحمن في مصر خلال
السنوات القليلة الماضية هي مائدة "المطرية" والتي تقام في "عزبة
حمادة" منتصف شهر رمضان.
كما انها أكبر مائدة رحمن في مصر حيث يحرص أهالي الحي على إقامة المائدة كل
عام وعلى مدار التسعة أعوام الماضية.
كما يحضر الإفطار أبرز الشخصيات ومن بينهم
سفير دولة كوريا الجنوبية بالقاهرة، بالإضافة الى العديد من صناع المحتوى، الى
جانب عدد من الوسائل الإعلامية المصرية والعالمية وممثل عن محافظة القاهرة بالإضافة
الى أعضاء مجلس النواب.