«الأكل ده نعمة من نعم ربنا، لذة من لذائذ الحياة الكبرى، مش مهم تاكل غالي أو رخيص، المهم إنك تتمتع بالأكل».. كلماتٌ الفنان الراحل فريد شوقي، في فيلم "خرج ولم يعد" الذي يعد علامة في تاريخ السينما المصرية، وعرض عام 1984، للمخرج الراحل محمد خان، والذي استوحاه السيناريست عاصم توفيق من رواية للأديب الإنجليزي أرنست بيتس عنوانها "Darling Buds of May" أو "براعم مايو المحببة" أو "براعم الربيع" والتى نشرت عام 1958.
لم يكن الفيلم فيلمًا عاديًا، لأنه قدم فلسفة جميلة وجديدة عن الأكل،
كان فيه من جمال السيناريو والصورة ما
يجعلك تقف عند كل جملة فيها لتتأملها بسعادة واستمتاع.. في Food Today جمعنا لك مشاهد وحكايات وتفاصيل، ربما تكتشف
بعدها أنك بحاجة إلى أن تشاهد الفيلم من جديد.
الفول أطعم من الديك الرومي
في الفيلم اكتشف نور الفخراني "عطية" متعة الأكل وأدركها على كبر، عندما أخبر فريد شوقي "كمال" أنه لم يكن يعلم كيف غابت تلك الحقيقة عنه من قبل، ليتحداه كمال وهو يقنعه بأنه لا يهم أن تأكل غالي أو رخيص طالما ستسمتع
بالأكل وهو يقول له: "مستعد أعملك أحلى طبق فول مدمس أطعم وألذ من ديك رومي".
السفرة لازم تتمسح مسح
علاقة "الفخراني" بالأكل في الفيلم التاريخي، بدأت بتناوله وجبة
العدس التي ظهرت ملازمةً له طوال إقامته بالقاهرة، قبل انتقاله لـ"العزيزية"
في ريف مصر بمحافظة الشرقية، باحثًا عن حياةٍ جديدة بعيدًا عن صخب المدينة وضوضائها، لتنقلب حياته
رأسًا على عقب.
ليقابل عائلة "كمال"، التي تحترم الأكل وتقدره، وترفع شعارًا لا تحيد
عنه "السفرة لازم تتمسح مسح"، وتهتم بتفاصيل الأكل لدرجة التدقيق
في خطوات عمل طبق البيض المقلي في السمن البلدي، فتشعر وأنت تشاهدهم انك ترغب في تذوق ما
يأكلونه حالًا.
فراخ وبط ولحوم وطبق مش
مشهد من الفيلم
لا يهم عائلة "كمال
بك" نوعية الأكل الموجودة على
المائدة مهما كانت عظيمة في أصنافها، بقدر رغبتهم في الاستمتاع بما يأكلون، فعلى
سبيل المثال، "سنية هانم" التي تجسدها الفنانة القديرة عايدة عبدالعزيز،
بعدما حضرت الغداء المكون من الفراخ والبط واللحوم والرقاق، تطلب "طبق
المش"، لأنها فقط تحبه ونفسها فيه.
وأمام كل تلك الإغراءات، ما كان
"عطية" إلا أن ينخرط في حياته الجديدة مع العائلة التي
أصبح ينتمي لها، ويقرر الاستمتاع بكل تفاصيل حياتهم، التي كان أولها الأكل، حتى لو كلفه ذلك دخول المستشفى في أول تعارف بينهم.
الفيلم الذي تسبب في ارتفاع
سعر البيض
فريق عمل الفيلم خارج التصوير
يحكي المبدع
المبدع الراحل محمد خان في أحد مقالاته الشهيرة، التي تم جمعها فيما بعد في كتاب
باسم "مخرج على الطريق" أنه كان دائمًا ما يميل إلى اللمة حول المائدة
أو الوليمة – وهو ما كرره في أفلام أخرى سنحكي عنها هنا - مثل ما
فعله في هذا الفيلم بالتحديد "خرج ولم يعد" في وليمة الخروف المشوي التي
أحياها "فريد شوقي" على شرف الخطيب الموعود الموظف "يحيي الفخراني"
من أجل ابنته "ليلي علوي"، الملفت في هذا الفيلم والطريف أيضًا، أنه
بمشهد البيض الشهير المقلي بالسمن البلدي، أعاد البيض إلى قائمة الأكلات الشعبية
المنسية وساهم في ارتفاع سوق بيع البيض البلدي وقتها. هكذا كان تأثير السينما.
الفخرانى:5 كيلو زيادة
وجائزة
حصل الفخراني على جائزة أحسن ممثل في الفيلم
حكى يحيى الفخراني
في لقاء له مع صاحبة السعادة "إسعاد يونس"، أن الفيلم لم يمر عليهم مرور
الكرام، بل أحدث أثرًا واضحًا في حياتهم الفنية، والصحية أيضًا، قال الفخراني في
الحلقة: "كلنا تخننا في الفيلم 5 كيلو أنا ومحمد خان وفريد
شوقي، لما كنا بنروح نلاقيهم محضرين الفطار والفطير المشلتت والعسل وبعدها بيبقى
فيه الأكل جوا التصوير"،وعلى الرغم من زيادة وزن فريق عمل الفيلم خلال فترة تصويرة،الا ان الفخرانى حصل في هذا الفيلم على جائزة أحسن ممثل، وفاز الفيلم نفسه بجائزة التانيت
الفضي من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، واحتل المركز 57 في قائمة أفضل 100 فيلم
مصري.
بوستر الفيلم الرسمي
كانت مشاهد تناول الطعام في فيلم محمد خان، من أول البيض المقلي وحتى
مشاهد البط والأوز والطواجن والمحاشى، كلها كانت عوامل غزل سينمائية استعملها لوصف
جمال الحياة فى القرية المصرية البسيطة التى لم يطلها الغش فى الطعام والشراب بعد،
فلم يكن غريبًا أن يكون واحد من أهم أفلام السينما المصرية في الثمانينيات.
All rights reserved. food today eg © 2022