على أحد جوانب شارع هدى شعراوي ومع دقات الخامسة فجرا تقف سيدة ترتدي جلبابا أسودا وكمامة تخفي ملامح وجهها وأمامها طاسة كبيرة الحجم تنظر داخلها تجد البطاطس تتقلب على الجهتين وأثناء ذلك تحضر أم أميرة ملكة البطاطس في وسط البلد العيش البلدي لتملأ للزبون سندوتش بسيط لكنه يخفي وراءه قصة كفاح طويلة بطلتها ست أسوانية جدعة يشهد لها الجميع أنها أقوى من رجال كثيرين في قوة التحمل والصبر، وفي اليوم العالمي للمرأة تستحق أم أميرة أن نحتفي بها كنموذج للست المصرية اللي ماقدرش عليها الزمن.
الحكاية بدأت من 33 سنة
حليمة محمد أو كما يطلق عليها دائما «أم أميرة»، أشهر بائعة سندويتشات بطاطس في منطقة وسط البلد، بدأت عملها في تلك المهنة منذ أكثر من 33 عاما، بعدما أجبرتها الظروف المعيشية الصعبة على أن تتولى رعاية كاملة ماديا ومعنويا لأسرتها، حيث جاءت قبل سنوات طويلة من مسقط رأسها في أسوان رفقة زوجها الذي يعمل في القاهرة، ولكن سرعان ما أصابه المرض واقعده وهي قامت بدور الاب والام لتتمكن من شراء العلاج، وبعد فترة توفى زوجها.
فرج ربنا قريب
وفي أحد الليالي وفي رحلة بحث ام اميرة عن مصدر رزق خاص بها لتستطيع أن تصرف على بناتها اقترح عليها أحد أصحاب المحلات في شارع هدى شعراوي أن يكون لديها عربة صغيرة لبيع الاكل الطعمية والبطاطس وغيره، وبالفعل استعانت بالله وبدأت اول خطوة في مشروعها واحب الناس منها سندوتشات الفطار السريعة التي كانت تشبعهم وسعرها على أد الايد.
الشعور بالفقدان للمرة الثانية
مرارة الفقدان عاشتها «أم أميرة»، أكثر من مرة خلال عملها، حيث رحل زوجها الأول في عام 2010، تاركا لها طفلتين هما أميرة وبسمة، تحاول رعايتهما وتوفير احتياجاتهما المعيشية من خلال بيع البطاطس، إلا أنه بعد 3 أعوام طاردها الألم مرة أخرى، إذ توفيت ابنتها الكبرى «أميرة» نتيجة مرض وراثي عن والدها، «اتعذبت كثير بعد وفاتها، كانت فرحتي الأولي، بس كان لازم أكمل عشان البنت التانية».
أمنية تحلم بتحقيقها
أم أميرة مازالت تقف في وجه الايام وتقول بصوت ملئ بالحسرة والرضا في نفس الوقت أنها لابد أن تستكمل حياتها وعملها لتستطيع أن تنفق على ابنتها الثانية والوحيدة حاليا، واحفادها أيضا وقالت إن الحياة صعبة ولن تشفق على أحد ولايوجد وقت للشعور بالحزن فجميعنا نخفي احزانا لا يعرف عنها أحد ومجبرين على استكمال المشوار، ام اميرة تحلم بزيارة بيت الله الحرام وهو حلمها الوحيد في الحياة.
أم أميرة