حينما نتحدث عن أشهر صوص عربي حار، والذي باتت شهرته عالمية الآن، هي "الهريسة" الحارة، وإذا ذكرت أمام شخص فرنسي "الهريسة" سيعرف بالطبع أنك تتحدث عن الصوص الحار اللذيذ، المفضل لمحبي الطعام الحار، والذي ستجعلك حمرته تذوب في الأكلة التي يوجد بها، ولكن ما قصة هذا النوع من الصوص، وهذا ما سنتعرف عليه، وفق ما نشره موقع Zwita Food.
حكاية الهريسة الحارة
يأتي مصطلح الهريسة في الأصل من الفعل العربي "هرس" أو "سحق"، وقد استخدم في البداية لوصف عصيدة من القمح المطحون والزبدة واللحوم وبعض التوابل التي يعود تاريخها إلى القرن السابع، وقد وصل الفلفل إلى تونس مع الاحتلال الإسباني بين عامي 1535 و1574 ميلادية، كما ساهم الموريسكيون منذ وصولهم إلى تونس، بداية القرن الـ17 في تعميم وانتشار زراعة الفلفل وتكثيف الإنتاج حتى غدت عادة التصقت أساسًا بساكني جهة الوطن القبلي، في ولاية نابل شمال شرقي تونس، والتي استقروا بها خلال الهجرة الأندلسية والقيروان وسيدي بوزيد وقفصة.
هكذا ظهرت الهريسة
استغل اليهود في تونس الفلفل وأعدوا الهريسة منه، وحولوها إلى عادة غذائية مقترنة بجميع أنواع الوجبات في جميع أنحاء تونس، وتبدأ زراعة الفلفل في تونس في شهر أبريل من كل عام، ويبدأ جني المحاصيل مرارًا وتكرارًا أو ما يعرف في تونس باسم "البطون" بعد شهر وأحيانا شهر ونصف، من زراعته ويتكرر ذلك حتى نهاية ديسمبر من كل عام، ويتجاوز إنتاجه أكثر من 300 ألف طن هريسة سنويًا عن طريق عجنها في المصانع وخلطها مع البهارات وتقدم مع زيت الزيتون كمقبل، وتضاف أيضًا إلى مأكولات أخرى أو إلى السندوتشات.
هكذا وصل الفلفل إلى العرب
تشير الأدلة الأثرية إلى أن الفلفل الحار كان يؤكل في المكسيك منذ آلاف السنين، وهناك كان يزرعه الأزتيك والمايا، وفي الجنوب في بيرو، من قبل الإنكا، ولكن لم ينتشر بهذا الشكل حتى وصول كريستوفر كولومبوس، فوفقًا لكتاب الطاهي اللبناني جريج معلوف، "مع وصول الباحثين عن التوابل الإسبانية والبرتغالية، لم يمض وقت طويل قبل إعادة شحن الفلفل الحار إلى أوروبا ومن ثم إلى المستعمرات الإسبانية والبرتغالية في إفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا"، ومن إسبانيا والبرتغال، سافر الفلفل فوق الماء إلى المغرب وما وراءه، حيث أضافت دول مختلفة التوابل مع تكييف صلصة الفلفل والهريسة لمطبخهم.
الهريسة واليونسكو
وبحسب موقع Attisia التونسي، قدمت تونس قبل عدة سنوات إلى اليونسكو من أجل إدراج الهريسة التونسية وطريقة صنعها ضمن التراث المادي الثقافي لتونس وهو ما تنظره اليونسكو من أجل اعتماده وإدراجها رسميا.
احتفالات بالهريسة
تعتبر الهريسة العادة الغذائية الأولى في ولاية نابل التونسية لذلك يحتفل أهل وسكان هذه الولاية بالهريسة عن طريق تنظيم عيد سنوي للفلفل والهريسة يسجل حضور أعداد غفيرة من المتسوقين بالبيع والشراء، أو المتذوقين لمختلف أصناف المأكولات التي تمثل الهريسة أحد مكوناتها الأساسية.
الطريقة التقليدية لتصنيع الهريسة
وبحسب موقع Zwita Food، فإن الهريسة التقليدية وهي عجينة سميكة مصنوعة من الفلفل الحار المجفف بالشمس والثوم والملح؛ والنسخة الكلاسيكية من نابل يضاف إليها الكزبرة والكراوية بنسب تختلف من منزل إلى آخر بناءً على الذوق الشخصي، وتصنع الهريسة من الفلفل الذي يتم حصاده مباشرة بعد تحول لونه إلى الأحمر خلال الصيف بعد الحصاد، ويتم ثقبه من الأعلى بخيط، ويربط معًا في عناقيد، ويترك معلقًا في ضوء الشمس حتى يجف.
وتستغرق عملية تجفيف الفلفل في الشمس عدة أشهر، وتحدث في أي مكان في المنزل حيث يوجد قدر كافي من التعرض لأشعة الشمس طوال اليوم، ويحدث تطور كبير في نكهة الفلفل من خلال عملية التجفيف، ويُنقل الفلفل المجفف بعد ذلك للتعليق في مكان بارد وجاف حتى يتم تنظيفه وإزالة جذوعه وبذوره ثم نقعه لفترة وجيزة في ماء بدرجة حرارة الغرفة قبل طحنه إلى عجينة مع فصوص ثوم مقشرة وملح، وهذه هي النسخة الأساسية من الهريسة ولكن غالبًا ما يتم خلط زيت الزيتون والبهارات مع المعجون بعد ذلك لصنع المنتج النهائي.
صوص الهريسة الحار
صوص الهريسة الحار
صوص الهريسة الحار
All rights reserved. food today eg © 2022