هل تذكر فيلم "الحريف" للفنان عادل إمام، ومشاهد مثل الفول
والكشري والآيس كريم؟ وبالتأكيد لا تنسى مشهد تناول التين الشوكي في فيلم
"مستر كاراتيه" للجميل الراحل أحمد زكي؟ وماذا عن أشهر مشاهد غزل في حب
الأكل من أول البيض المقلي بالسمن البلدي إلى أكل البط والوز في "خرج ولم
يعد"؟، تلك المشاهد واحدة من روائع المخرج محمد خان ، فارس الشوارع والحواديت
، المخرج الذي صنع عالمه السينمائي الخاص والساحر بطريقته فدمج فيه حب الطعام مع
حب السينما والفن وخرج بخليط ساحر من الإبداع لن يمحو الزمن أثره.
حكى المبدع الراحل محمد خان ويقول في أحدى مقالاته الشهيرة، والتي تم جمعها فيما بعد في كتاب باسم "مخرج على الطريق": "طول عمري أحب الأكل في السينما من أيام السينمات الصيفي، وبائع البوفيه ينادي (سميط وجبنة وشيبسي)، ده مع الدقة والبيضة المسلوقة ووراها الحاجة الساقعة، أما في سينمات وسط البلد المكيفة فكان الأكل إما بعد أو قبل العرض من محلات السندويتشات المجاورة للسينما ليتبعها طبق البسبوسة بالقشطة من محل الحلويات الشامية، لذلك أصبحت مشاهد الأكل في كثير من أفلامي لا مفر منها".
مسقعة العشاء الأخير
سعاد حسني في أخر مشاهد بالفيلم
جعل "خان" من الطعام سمة رئيسية في أفلامه، اشترك أغلبها في "اللمة" التي جعلت هذه الأفلام وجبة شهية لعشاق السينما والأكيلة المقدرين جيدًا لقيمة الطعام، وجعلنا نحن في Food Today نكتب عن أجمل ما قدمه للسينما مرتبط بالأكل وتفاصيله كما صورها هو وأحب فيها بلده، فأحبته السينما.
وتنوعت الأكلات
على موائد "محمد خان" في أفلامه، بينما كانت أكثرها درامية أكلة "المسقعة" المسمومة التي أبدعت
الراحلة سعاد حسني "نوال" في التعبير عن انتقامها من زوجها "عزت - حسين فهمي" وهي تعدها ثم تشاركه أكلها في مشهد النهاية في
"موعد علي العشاء" الذي عرض عام
1981، بوجه كله تحد ونظرات حزينة، فينتهي الفيلم بموتهما.
"البيض"
الذي خرج ولم يعد
صورة جماعية لمحمد خان مع أبطال الفيلم
قال خان في
كتابه أنه كان دائما ما يميل إلى اللمة
حول المائدة أو الوليمة مثل وليمة الخروف المشوي التي أحياها الإقطاعي المفلس
(فريد شوقي) على شرف الخطيب الموعود الموظف (يحيى الفخراني) من أجل ابنته (ليلى علوي) في فيلم "خرج ولم يعد"، هذا الفيلم الذي أعاد طبق البيض المقلي بالسمن
البلدي إلى قائمة الأكلات الشعبية المنسية وساهم في ارتفاع سوق بيع البيض البلدي
وقتها، فلم يعد لسعره القديم من بعدها، وهنا يتحدث خان عن مشاهد تناول الطعام الكثيرة والمتنوعة في فيلم "خرج
ولم يعد" فالفيلم كله يتمحور حول تناول الطعام على المائدة، وأهميته في إعادة
ترتيب "عطية" لأولوياته، فيرى راحة قلبه في راحة معدته ليفسخ خطبته
ويستقر مع "خوخة" التي وجد بجوارها إلى جانب الحب، إشباعًا لمعدته.
قصة حب بـ "الكانالوني"
منة شلبي وهند صبري في فيلم وسط البلد
الكانالوني
أشهر أنواع الباستا الإيطالية، استغلها محمد خان في فيلمه "بنات وسط
البلد" عام 2005، للكشف عن الفوارق الاجتماعية بين بطلي العمل خالد أبو النجا
ومنة شلبي، فكانت الأكلة التي مهدت الطريق لقصة حب منة وخالد، وهنا تحدث خان عن توظيف الأكل
كآداة درامية تصلح للإشارة إلى بدء العلاقات أو انتهائها.
أكلة سمك "قبل زحمة الصيف"
محمد خان مع هنا شيحة أثناء تصوير الفيلم
تكررت نفس
التيمة فى فيلم (قبل زحمة الصيف) وهو بالمناسبة أخر أعمال محمد خان السينمائية ومن
بطولة هنا شيحه و ماجد الكدواني و لانا مشتاق و أحمد داوود ويحكي عن العلاقات
الإنسانية المتشابكة والمترابطة والتي تنشأ بين مجموعة من رواد أحد القري السياحية
في الساحل الشمالي.
احتل الطعام
وطهيه وتناوله مساحة كبيرة من مشاهد الفيلم، بداية من مشاهد تناول ماجد الكدواني
لإفطاره المكون من البيض المقلي، ويبدو أنه كان الطعام المفضل لمحمد خان ، وصولًا بالمأدبة
الفخمة التى يعدها ماجد الكدواني من كل المأكولات البحرية تقريبا، المأدبة التي
يحدث أثناء تناولها واحد من أقوي وأكبر مشاهد الفيلم وهو Master
Scene يستحق الوقوف عنده، عندما تنفجر زوجة ماجد الكدواني وتواجهه بكل عيوبه ومشاكله
دفعة واحدة.
ستيك اللحم في
زوجة رجل مهم
مشهد من الفيلم
كانت الوجبة غير
المجهزة جيدًا، هي الإشارة التي اعتبرها الضابط "هشام" أحمد زكي"
بمثابة إهانة له من طاقم المطعم، الذي دعا إليه زوجته "منى" ميرفت
أمين، ضمن أحداث فيلم "زوجة رجل مهم"، وهو العمل الذي كتبه الكاتب
رؤوف توفيق وقام بإخراجه محمد خان عام 1987،بخلاف مشاهد السفرة التي اجتمعا عليها أكثر من مرة ضمن أحداث الفيلم.
فطير مشلتت على مائدة السادات
أحمد ذكي وميرفت أمين في مشهد الفطير المشلتت
"يعنى أنت
قاعد على سفرة واحدة مع رئيس الجمهورية، وبتاكل فطير مشلتت وبتقولي المزيد من
الديموقراطية"، جملة قالها الراحل أحمد زكي في واحد من أهم مشاهد فيلم
"السادات"، الذي قدمه خان عام 2001، وسفرة كانت غاية في الواقعية، وهو
ما تميز به خان في أفلامه، لم يقدم ولا مرة أكلة للتصوير فقط، فستجد أغلب مشاهده
عن الأكل، حقيقية، تكاد تشم رائحته وأنت مكانك.
All rights reserved. food today eg © 2022