سجلت لبنان أعلى نسبة تضخّم اسميّة في
أسعار الغذاء ضمن الترتيب العالمي، إذ بلغت النسبة 261 في المائة، في ارتفاع مؤشر
غلاء منظومة الغذاء، كنسبة تغير سنوية للفترة بين نهاية فبراير (شباط) الماضي،
والشهر ذاته من عام 2022، وبفارق مضاعف عن نتيجة زيمبابوي التي حلت في المرتبة
الثانية بنسبة 128 في المائة في مؤشر تضخم أسعار الغذاء.
تضخم دولي
ورصد تقرير للبنك الدولي عن الأمن
الغذائي، ارتفاع التغيّر السنوي في أسعار الغذاء بلبنان بنسبة 71 % خلال فترة
المقارنة، تبعته زيمبابوي بنسبة 40 %، ورواندا بنسبة 32 %، ومصر 30 % مع التنويه
بأنّ نسب التضخّم ترتكز على أحدث الأرقام الفصلية والمحققة بنهاية الفصل الأول من
العام الحالي، وضمن جدول يضم البلدان التي أنجزت أرقام نسب تضخّم أسعار الغذاء
ونسب التضخّم الإجماليّة.
تدهور الحالة الاقتصادية
وحذر البنك الدولي أنّ الحالة
الاقتصاديّة في لبنان تتدهور بشكلٍ سريع، بحيث إنّ سعر صرف العملة الوطنية مقابل
الدولار الأميركي يتمّ تداوله عند نحو 100 ألف ليرة للدولار الواحد، أيّ ما يعكس
تراجعاً في سعر الصرف بنسبة 98 في المائة عمّا كان عليه قبل اندلاع الأزمة في
الفصل الأخير من عام 2019.
ولاحظ تقر ير البنك الدولي أن عدم التوصّل
إلى حل لمسألة خسائر القطاع المالي المقدّرة بنحو 72 مليار دولار، أي أكثر من 3
أضعاف الناتج المحلّي الإجمالي، يعمّق من أثر الأزمة، مع العلم بأنّ الفقراء كانوا
الأكثر تأثراً بالأزمة، بحيث أظهرت استطلاعات ميدانية حديثة استمرار ارتفاع نسبة
الفقر، حيث إن 3 من بين كل 5 أسر يصنّفون أنفسهم فقراء أو فقراء جداً، لا سيما
بينهم الذين لا يتلقون تحويلات من الخارج. وفي حين تراجعت مستويات البطالة، فإن
غالبيّة الأشخاص أصبحوا يعملون في وظائف ذات جودة منخفضة.
انكماش الاقتصاد
وقدّر البنك الدولي انكماش الاقتصاد في
لبنان بنسبة 0.5 % بنهاية العام الحالي، بعدما تقلصت نسبة الانكماش 2.6 في المائة
بنهاية العام الماضي، وبخلاف التوقعات السابقة بتسجيل تراجع في النمو بنسبة 5.4%،
وذلك بنتيجة تسجيل أداء أفضل من المتوقّع لبعض المؤشّرات الاقتصاديّة كالقطاع
السياحي. بينما يتأخر، بالمقابل، القيام بأي إصلاحات جذريّة، وهو نمط من المتوقع
أن يستمرّ في العام الحالي.
وبحسب برنامج الغذاء العالمي، ومع استمرار
الأزمة الاقتصاديّة ومواصلة ارتفاع أسعار الغذاء، فمن المتوقّع أن يؤثّر انعدام
الأمن الغذائي على نحو 1.46 مليون لبناني، ونحو 800 ألف لاجئ مع نهاية الشهر
الحالي، وهذا ما تترجمه مساهمة نسبة تضخّم أسعار الغذاء في لبنان وحدها بحصة 40 % من الارتفاع في مؤشّر تضخّم الأسعار في الشهر
الأول من العام الحالي.
مؤشّر تضخّم الأسعار
وكشفت الأرقام المحدّثة للأمن الغذائي
الصادرة عن البنك الدولي، التي تعطي لمحة عن نسب التغيّر السنويّة لمؤشّر الغذاء
في مؤشّر تضخّم الأسعار بعدد من البلدان حول العالم، أن نسبة تضخّم أسعار الغذاء
لا تزال مرتفعة حول العالم، وتخطت متوسطاتها 5 في المائة، لتبلغ نحو 10 في المائة،
لدى كلّ فئات الدخل في 70.6 في المائة من الدول ذات الدخل المنخفض، و90.9 في
المائة من البلاد ذات الدخل المتوسّط الأدنى، و87 في المائة من البلاد ذات الدخل
المتوسّط المرتفع.
أما لجهة التوزيع الجغرافي الذي
استخلصه تقرير البنك الدولي، فقد برزت البلدان التي عانت من أعلى نسب تضخّم في
أسعار الغذاء بالقارّة الأفريقيةّ، وشمال أميركا، وأميركا اللاتينيّة، وجنوب آسيا،
وأوروبّا وآسيا الوسطى، و نوّه تقرير البنك الدولي أنّ نسبة التضخّم الحقيقيّة في
أسعار الغذاء تعدت نسبة التضخّم الحقيقيّة في 86.5 في المائة من إجمالي عدد
البلدان البالغ 163 التي شملتها الدراسات.