leftlogo

قصة موائد الرحمن.. كيف بدأت أول مائدة إفطار في مصر؟

A A A
8A8F74B3-70C9-4807-8EDE-E59DFD386E70
موائد الرحمن
تُعد موائد الرحمن من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي في شهر رمضان المبارك، حيث يتم إعداد وجبات الإفطار للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل. 

وعلى الرغم من ارتباطها بالعصر الحديث، إلا أن جذورها التاريخية تعود إلى قرون مضت.

أصل التسمية وبداية الفكرة



يعتقد البعض أن أول من أقام مائدة رحمن كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما استقبل وفد الطائف في المدينة المنورة. إلا أن الشكل الحالي لموائد الرحمن بدأ في العصر الفاطمي.

موائد الرحمن في العصر الفاطمي



وفقًا لكتاب "دليل الأوائل" للدكتور إبراهيم مرزوق، فإن الخليفة العزيز بالله الفاطمي كان أول من أقام مائدة إفطار للصائمين في جامع عمرو بن العاص. 

وكان يخرج من مطبخ القصر يوميًا 1100 قدر من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.

دار الفطرة



طقوس الإفطار في القصر الفاطمي



بعد توزيع الطعام، كان الخليفة العزيز بالله يجلس في شرفة كبيرة داخل القصر الفاطمي، ويقضي وقت الإفطار في سماع القرآن الكريم وحلقات الذكر.

يستمر هذا الطقس حتى منتصف الليل، وبعدها يتم توزيع الهدايا على الفقراء والمحتاجين، ثم تُقام مائدة السحور في نفس المكان.

عُرفت هذه المائدة في البداية باسم "دار الفطرة"، وكانت تُقام خارج القصر لتكون في متناول عامة الناس.

سماط الخليفة



يؤكد خبير الآثار المصري الدكتور عبدالرحيم ريحان أن موائد الرحمن في العصر الفاطمي كانت تُعرف بـ"سماط الخليفة"، وهو مصطلح يشير إلى الولائم الضخمة التي كان يقيمها الخلفاء وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان خلال شهر رمضان.

محتويات السماط



كان القائمون على القصر الفاطمي يوفرون كميات كبيرة من السكر والدقيق لصناعة الحلويات الرمضانية مثل الكنافة والقطايف.

كما كانت "دار الفطرة" مسؤولة عن إعداد الكعك وتوزيعه في رمضان وعيد الفطر، حيث يتم توزيعه بالقناطير على جموع المصريين في القاهرة.

مكان إقامة السماط



كان السماط يُقام في قاعة الذهب بالقصر الشرقي الكبير في ليالي رمضان، وكذلك في العيدين والمولد النبوي وخمسة موالد أخرى، مثل مولد الإمام الحسين والسيدة فاطمة والإمام علي والحسن والإمام الحاضر.

في اليوم الرابع من رمضان، كان السماط يُقام يوميًا حتى اليوم السادس والعشرين من الشهر الفضيل، ويُستدعى إليه قاضي القضاة، ويترأس الوزير المائدة، وإن تأخر كان يحل محله ابنه أو أخوه أو صاحب الباب.

العصر المملوكي



شهد العصر المملوكي توسعًا في الإنفاق على الفقراء والمحتاجين في رمضان، حيث تم صرف رواتب إضافية لحملة العلم والأيتام، مع توزيع كميات كبيرة من السكر والحلوى الرمضانية.

استمرار العطاء في عيد الفطر



لم تقتصر موائد الرحمن على شهر رمضان فقط، بل امتدت لتشمل يوم عيد الفطر، حيث كان يتم توزيع الطعام والحلوى على الفقراء والمحتاجين، ليعيشوا فرحة العيد وبهجته.

الأوقاف الخيرية ودورها في دعم الفقراء



كان "الواقفون"، وهم الأشخاص الذين يخصصون وقفًا خيريًا لتقديم الطعام، يشترون كميات كبيرة من الكعك والتمر والبندق لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في عيد الفطر.

كما كان يتم تجهيز ولائم ضخمة تحتوي على اللحم والأرز والعسل وحب الرمان، وهي عادة استمرت عبر العصور الإسلامية المختلفة.

الجذور الفاطمية لموائد الرحمن



أكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن فكرة موائد الرحمن تعود إلى العصر الفاطمي في مصر، حيث كان الخلفاء الفاطميون وكبار رجال الدولة يقيمون ولائم ضخمة تُعرف بـ"سماط الخليفة".

وكانت هذه الولائم تجمع بين الفقراء والأغنياء على حد سواء، وتضم أطباقًا متنوعة مثل اللحم والأرز والعسل وحب الرمان، بالإضافة إلى الحلويات الرمضانية مثل الكنافة والقطايف.

الكعك في عيد الفطر



اهتم الفاطميون أيضًا بإعداد الكعك وتوزيعه في عيد الفطر، وهي عادة استمرت حتى اليوم، وأصبحت جزءًا من التراث المصري المرتبط بالعيد.

في عهد أحمد بن طولون وهارون الرشيد



هناك روايات تاريخية تشير إلى أن أحمد بن طولون كان أول من أقام مائدة رحمن في مصر عام 880م، فيما يُقال إن الخليفة العباسي هارون الرشيد أقام موائد الرحمن في حديقة قصره.

العودة في القرن العشرين



عادت موائد الرحمن إلى الظهور في القرن العشرين برعاية بنك ناصر الاجتماعي، الذي أقام مائدة بجوار الجامع الأزهر لإفطار أربعة آلاف صائم من أموال الزكاة.

أول مائدة إفطار قبطية



في عام 1969، أقام القمص صليب متى ساويرس، راعي كنيسة مارجرجس في حي شبرا، أول مائدة إفطار قبطية للمسلمين والمسيحيين في شهر رمضان، مما عزز من روح الوحدة الوطنية والتآخي بين أبناء الشعب المصري.

موائد الرحمن اليوم



لا تزال موائد الرحمن تنتشر في مختلف الشوارع والميادين المصرية، حيث يتسابق الأغنياء ورجال الأعمال على إقامتها لإفطار المحتاجين وعابري السبيل، لتصبح رمزًا للتكافل الاجتماعي والرحمة في الشهر الفضيل.

RELATED ARTICLES

FoodToday TV

All rights reserved. food today eg © 2022