في رحلة عبر الزمن، نجح صانع البيرة "ديلان ماكدونيل" من ولاية يوتا الأمريكية في إعادة إحياء وصفة البيرة المصرية القديمة الموجودة في "بردية إيبرس" التي تعود إلى نحو 3500 عام.
وتعد "بردية إيبرس" أقدم سجل تاريخي لوثيقة علاجية محفوظة حتى الآن منذ القرن السادس عشر قبل الميلاد، وتحتوي على وصفات طبية لعلاج الأمراض، بالإضافة إلى وصفات لـ "الجعة" أو كما يطلق عليها حاليا "البيرة".
حيث انطلقت فكرة إعادة إحياء وصفة البيرة المصرية القديمة خلال فترة الإغلاق أثناء انتشار وباء كورونا. ففي ذلك الوقت، شاهد "ماكدونيل" فيديو لمصمم ألعاب الفيديو الأمريكي "شيموس بلاكلي" وهو يتفاخر على وسائل التواصل الاجتماعي بصناعة الخبز باستخدام خميرة مصرية عمرها 4500 عام.
وأثارت هذه الفكرة شغف "ماكدونيل"، وبدأ يتساءل عما إذا كان بإمكانه فعل ذلك بالبيرة. وبدأ رحلته عبر صفحات التاريخ، حيث قرأ نصًا مصريًا من عام 1550 قبل الميلاد تقريباً يحتوي على مئات الوصفات المختلفة، بما في ذلك العديد من الوصفات للبيرة.
وانطلق "ماكدونيل" في رحلة بحث عن المكونات النادرة التي وردت في وصفة البيرة المصرية القديمة. جاب الأرض بحثًا عن نبات البلسم، وعسل السدر اليمني، وتين الجميز من بستان مزروع منذ 1400 عام. كما بحث عن بخور، وزبيب ذهبي، ولبان تم كشطها من قطعة فخار.
وبعد جمع جميع المكونات، بدأ "ماكدونيل" في تحضير خليط البيرة. وضع كل هذه المكونات في شرابه، وانتهى به المطاف بشيء يشبه خليط من التفاح أطلق عليه لقب "حامض سيناء" مع بضع من المشمش وطعم الزهور.
وبعد نحو ثلاث سنوات من ظهور الفكرة لأول مرة، قام "ماكدونيل" أخيرًا بتخمير البيرة باستخدام الطرق القديمة والمكونات القديمة. وبدأ العملية في يناير 2024، ونجح مؤخرًا في تجربته.
كما أعرب "ماكدونيل" عن رضاه الشديد عن النتيجة، ووصف طعم البيرة بأنه "مشروب منعش يروي العطش". وأضاف: "أستطيع أن أرى كيف كان المصريون القدماء يستمتعون ببيرة كهذه بعد يوم طويل، إنه طعم بالتأكيد مختلف عن معظم أنواع البيرة التي تذوقها الآخرون بسبب كمية الفاكهة والعسل والجنجل."
وأحد أهداف "ماكدونيل" من تخمير هذه البيرة هو توفير قاعدة للآخرين للتجربة والبناء عليه. يرى "ماكدونيل" أن لديه فرصة فريدة للحصول على شيء نادر جدًا، ويأمل أن يحصل الآخرون على فرصة لذلك لاحقًا.
تُعدّ رحلة "ماكدونيل" لإعادة إحياء وصفة البيرة المصرية القديمة مثالًا رائعًا على شغف الإنسان بالمعرفة والاكتشاف. لقد نجح في ربط الماضي بالحاضر، وقدم لنا لمحة عن ثقافة وحضارة مصر القديمة العريقة.