"حينما التقت الحرفة بالتاريخ"... كيف ألهمت الأساطير الكرواسون وصنعت تاريخه الفريد؟

لكل آكلة حكاية" هو عنوان يليق تمامًا مع تراث الأطعمة التي تحمل في طياتها الكثير من القصص والتاريخ، كـ "الكرواسون"، أحد أهم التحف الفرنسية في عالم المخبوزات.

وفي الحقيقة، لقد تعددت الأساطير والأقاويل حول فكرة تصنيعه، ولكن ما لا تعلمه أن "للكرواسون" قصص مثيرة، ولكن على الرغم من تعددها إلا أن الجميع يتفق على أنه يمثل جزءًا لا يتجزأ من تراث فرنسا الغني بالمأكولات.

"من مصر القديمة إلى شوارع باريس".. كيف ألهم الفطير المشلتت الكرواسون الفرنسي؟

تقول الرواية الأولى، أنه بعدما اكتشف المصريون القدماء "الفطير المشلتت" في أثناء العصر المملوكي، الذي كان حافلاً بأنواع كثيرة من الحلويات المصرية، انفتحت مصر كثيرًا على الدول بالخارج، الأمر الذي عمل بالفعل على انتقال الكثير من الآكلات للخارج، حيث على آثر ذلك انتقل الفطير المشلتت إلى أوروبا وفرنسا، ومن هنا قامت فرنسا باستلهام الفكرة من خلاله.

حينما التقت الحرفة بالتاريخ

أما الرواية الثانية، فهي الأكثر جدلاً، حيث تعود لأيام الدولة العثمانية، إذ كانت الخلافة الإسلامية حينها تجاهد في سبيل توسيع سيطرتها، حتى وصلت دول أوروبا، لتتوقف بعد ذلك على أسوار فيينا، أي النمسا حاليًا.

حنيها وجد الجيش العثماني أن اختراق قلاع وأسوار فيينا القوية هو بمثابة أمر بالغ الصعوبة، ليقوموا بحفر نفق تحت الأسوار ليلاً.

ولكن إليك ما حدث، في ليلة من الليالي، حين اقترب الحفر من أسوار المدينة، إذ صادف خبازًا كان مستيقظًا في وقت متأخر يقوم بإعداد الخبز، فانتبه لأصوات تصدر من باطن الأرض، ليشك في الأمر وينطلق حينها إلى حاكم المدينة، حيث كانوا يعلمون أن المسلمين يحاولون دخول البلدة.

وعند التأكد من ذلك الأمر، تربصوا بالجيش العثماني وألحقوا به هزيمة نكراء، واحتفل أهل فيينا بهذه المناسبة، وتم تكريم الخباز.

ولكن ما علاقة "الكرواسون" بالجيش العثماني بـ فيينا؟

في الواقع، أراد هذا الخباز أن يخلد ما قام به للتاريخ، فـ عرض على الحاكم أن يقوم بصنع "خبزة" على شكل «هلال»، حيث كان حينها شعار "الدولة العثمانية"، ليتذكروا دائمًا هزيمة المسلمين، كلما تناولوا هذا الهلال المصنوع من العجين، وأطلق عليه اسم "كرواسون".

لينتشر بعد ذلك الكرواسون في جميع أنحاء أوروبا يذكر الجميع بتلك الهزيمة.

ولكن ما الحقيقة؟

بين الأساطير والحقائق

في الواقع، خلص المؤرخون إلى أن جميع القصص المروية عن أصل الكرواسون لا أساس لها، وأنه لم يظهر في فرنسا قبل القرن التاسع عشر الميلادي، وإنما ظهرت لأول مرة في كتاب سنة 1853، ولكنها لم تكن تشير إلى " الكرواسون" الذي نعرفه اليوم.

وفي عام 1906، ظهرت أول وصفة للكرواسون في موسوعة فرنسية تُدعى "الموسوعة الجديدة للطبخ"، وكان شكل الهلال حينذاك ذكر صراحه في أحد القواميس.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الكرواسون رمزًا وطنيًا لفرنسا وجزءًا لا يتجزأ من تاريخ القرن العشرين.


أقرأ أيضًا: "رحلة الذوق والتراث".. قصة الفطير المشلتت من مصر القديمة إلى العصر الحديث