الاستلقاء أثناء تناول الطعام.. عادة يونانية قديمة ارتبطت بالرفاهية والهضم

لطالما ارتبطت عادات تناول الطعام في الثقافات القديمة بالعادات الاجتماعية والطبقية، إلا أن اليونانيين القدماء أضافوا بُعدًا فريدًا لتجربة الطعام من خلال الاستلقاء أثناء تناول الوجبات. 

هذه العادة الغريبة التي بدأت في القرن السابع قبل الميلاد، لم تكن مجرد سلوك ترفيهي، بل ارتبطت بمعتقدات صحية وتشريحية، بالإضافة إلى كونها رمزًا للرفاهية والسلطة بين النخبة اليونانية والرومانية لاحقًا. 

وغالبًا ما يتم تصوير اليونانيين على اللوحات الجدارية والمنحوتات والفخار وهم مستلقون على جانبهم الأيسر، وليس الأيمن، وهو ما أثار تساؤلات المؤرخين وعلماء الكلاسيكيات لعقود من الزمن.

فما السر وراء تفضيلهم الاستلقاء على الجانب الأيسر تحديدًا؟

1. حرية اليد اليمنى:

يعتقد بعض المؤرخين أن الاستلقاء على الجانب الأيسر يترك اليد اليمنى حرة للإمساك بالأواني المستخدمة في الأكل والشرب. 

ومع ذلك، تظهر بعض الأعمال الفنية القديمة اليونانيين وهم يستخدمون أيديهم اليسرى أثناء الاستلقاء على الجانب الأيسر.

2. تحسين عملية الهضم:

وفقًا لعلم التشريح البشري، يساعد الاستلقاء على الجانب الأيسر في تحسين عملية الهضم. فعند الاستلقاء على هذا الجانب، تتمدد المعدة بطريقة تسمح للطعام بالتحرك بسهولة وتقلل من ارتجاع الأحماض، ما يسهم في تسهيل الهضم ومنع حرقة المعدة. 

كما أن هذا الوضع يوفر مساحة إضافية للطعام دون التسبب في مشاكل صحية.

علامة على الرفاهية والقوة

كان الاستلقاء أثناء تناول الطعام رمزًا للترف والسلطة، حيث كان يُسمح للنخبة فقط بتبني هذا الأسلوب. 

كانت أرائك الطعام في اليونان القديمة مخصصة للرجال، وفي حالات نادرة، للنساء اللواتي كن إما جواي (مرافقات) أو يُستخدمن للتسلية أثناء الولائم.

دور النساء في الولائم

لم تكن النساء يُدعين إلى الولائم إلا في مناسبات استثنائية مثل حفلات الزفاف، وكان يُتوقع منهن الجلوس بوضع مستقيم. 

ومع ذلك، تغيرت هذه العادات في روما القديمة، حيث سُمح للنساء من الطبقة العليا بالاستلقاء بجانب الرجال أثناء تناول الطعام.

استمرارية التقليد

بغض النظر عن الأسباب، يبدو أن الاستلقاء أثناء تناول الطعام كان مريحًا وعمليًا، ما جعله شائعًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط واستمر لآلاف السنين.