إن كنت من هؤلاء الذين ينحازون إلى قوم الشاي بلبن وعشيرته، فأنت بالتأكيد جربت أن "تُسقي" فيه كل الأشياء التي تصلح لذلك، والحقيقة هو مشروب الطيبين كما يسمونه محبيه، فلم نسمعه يرفض أي ضيفًا ابدًا، فيغطس فيه من يشاء حبًا ودلالًا، لم يرفض يومًا البقسماط ولا الفينو ولا الفايش حتى البسكوت بهشاشته حاول أن يستعوبه طول الوقت، إلا بسكوت "نواعم" وحده كان يحتاج قدرات خاصة مهارية للصمود ثوان أطول قبل مغادرته الكباية، فبقى البقسماط هو "السناك" العظيم الذي سند المصريين في كل أوقاتهم، على الفطار، في منتصف اليوم، أو آخره في عشاء خفيف.
إلا أن البقسماط بكل أنواعه وبرغم كل تلك الحميمية بينه وبين المصريين، لم يكن اختراعًا مصريًا، فود توداي ستخبرك بأصل الحكاية ومن اتى به إلى الشاي بلبن.
وفي عام 1801، أصدرَ السلطان العثماني سليم الثالث أمرًا إلى والي جزيرة "رودس" يحثه فيه على إرسال البقسماط إلى مصر. حيث كان البحارة العثمانيون سيُمضون شهور الشتاء على متن سفنهم الراسية في موانئ الإسكندرية ودمياط ورشيد والسويس. فقضت الإرادة السلطانية السامية بإرسال كمية كبيرة قِوامُها 585.156 كيلو جرام من البقسماط إليها لدعم الأسطول المتمركز هناك. متخيل الحجم الهائل لطبيعة بنية النقل العثمانية التحتية التي سُخرت لنقل هذه الكمية الضخمة من الطعام، متمثلة في: سفن ترتحل من رودس إلى مصر، وبغال لحمل البقسماط من ساحل المتوسط إلى السويس، وجِوالات لتعبئته، وعمال للنهوض بهذه المهمة؟!
وصار البقمساط من يومها الصديق الصدوق في كل الأوقات، حتى مع البانيه "مارحمنهوش" وطحناه وكان احلى طبقة "كرسبي" مقرمشة للفراخ البانيه.
All rights reserved. food today eg © 2022