في
السنوات الأخيرة شكل استهلاك اللحوم المرتفع عالميًا مادة دسمة للنقاش والمشاكسات المتلاحقة،
عما سيحدث لو توقف العالم عن أكل اللحوم؟!، ماذا لو تحول العالم كله إلى
نباتيين؟!، وهل نعيش في الأساس أزمة بيئية
بسبب استهلاك اللحوم؟، الموضوع بالتأكيد مربك جدًا، من منا يستطيع العيش دون قطعة
الاستيك المشوية على الفحم، أو تلك
التي يغطيها صوص المشروم اللذيذ؟، أكل اللحوم متعة لعدد كبير من البشر على هذا الكوكب، ولكن بقى السؤال مطروح؛ ماذا لو أصبح العالم كله نباتيًا؟، في "Food Today" ستعرف الإجابة وتخيل ما بعدها.
اليوم العالمي للنباتيين
في سنة 1977 أصبح للنباتيون جمعية تخصهم وحدهم في أمريكا
الشمالية أطلقوا عليها "الجمعِيَّة النَّباتِيَّة في أمريكا"، حتى أنهم
في هذه السنة قرروا أن يطلقوا يومًا عالميًا لهم، للَفت الاِنتِباه تجاه البِيئة،
والتوعية الصحية في أهمية كونهم نباتيين، ومن وقتها، أصبح أول أكتوبر من كل عام، يوم
عالمي للنباتيين يحتفلون بمقاطعتهم لكل أنواع اللحوم.
لماذا هم نباتيين؟
الملفت
للانتباه إذا سألت معظم النباتيين عن أسباب اختيارهم لهذا الاتجاه فستجد إجابات
مختلفة، فبعضهم على سبيل المثال يشفق على الحيوانات ويرى أنه يجب ألا تتعرض لتجربة
الذبح، وآخرون يرغبون فقط في اتباع أسلوب حياة صحي، بينما هناك نسبة تهتم بالبيئة
أكثر وترغب في تقليل نسبة انبعاثات الكربون والغازات السامة في الهواء.
إيه علاقة أكل اللحوم بانبعاثات الكربون؟!
ذكرت
دراسة أجراها فريق بحثي من جامعات بريطانية وبرازيلية ودنماركية أن استهلاك اللحوم
البرية من مصادر مستدامة عوضًا عن لحوم الماشية المستأنسة يمكن أن يقلل انبعاثات
غازات "الدفيئة" المسببة للاحتباس الحراري، بالإضافة إلى الحفاظ على
النظم البيئية في الغابات الاستوائية في كل من مجتمعات حوض الأمازون والمجتمعات
التي تعيش في المنطقة الاستوائية، والتي بدورها تخفف من آثار تغيُّر المناخ.
وأوصى
الباحثون في الدراسة التي نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس" بضرورة إدارة
ممارسات الصيد في هذه المجتمعات بعناية؛ لتكون ذات فائدة محتملة في إدارة انبعاثات
غازات الاحتباس الحراري، فما بالك لو توقفنا عن تناولها في الأساس؟!
ماذا لو عاش العالم بدون لحوم؟
انتشار
مقاطعة اللحوم عالميًا جعل البعض يفكر في السؤال حتى لو ظل افتراضيًا، ماذا لو
توقف العالم عن أكل اللحوم؟، قام "ماركو سبرينغمان"، الباحث في برنامج
مستقبل الغذاء في جامعة أكسفورد، بتجربة مهمة مع زملاء له عن طريق برنامج كمبيوتر
خاص، نشرها موقع "بي بي سي فيوتشر"، أوضحت نتائج هذه التجربة الافتراضية، أنه لو أصبح جميع البشر نباتيين بحلول عام 2050 فإن هذا كفيل بأن يخفض انبعاثات
الغازات على كوكبنا بنسبة 70% تقريبًا، وبحسب تقرير حديث آخر نشرته "بي بي سي"
أيضًا، فإن نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية تتحول إلى مزارع لتربية الحيوانات،
وإذا تحول الجميع إلى نباتيين فستعود هذه الأراضي إلى أصلها كأراضٍ عشبية وغابات،
وهذا سيجعلها تمتص غاز الكربون، وتخفف في المستقبل من حدة التغير المناخي.
نعمل إيه في عيد الأضحى؟
لم
تغفل تلك الدراسة ذكر سلبيات تحول العالم إلى نباتيين، فقد يحدث تغييرًا حقيقيًا في
الثقافة والهوية، ففي بلاد كثيرة من العالم يتم تقديم الحيوانات كهدايا عند
الزواج، واحتفالات أعياد الميلاد مرتبطة بتجمع العائلة حول الديك الرومي واللحم
المشوي، وفي بلادنا الإسلامية على وجه الخصوص، سيظل اللحم مرتبطًا لدينا بعيد الأضحى،
بذبح الماشية وأكلها وتوزيعها.
انخفاض نسب الوفيات وتوافر أدوية!
يقول
تقرير "البي بي سي"، إن من إيجابيات إقلاع العالم عن أكل اللحم، انخفاض عالمي
في نسب الوفيات، بنسبة %6 و10% في المائة، حيث أوضح التقرير أن التخلي عن أكل
اللحوم الحمراء يقلل من أمراض القلب والشريان التاجي والجلطة ومرض السكري وبعض
أنواع السرطان، وانخفاض عدد المرضى سيصحبه انخفاض في شراء العلاج وهو ما سيوفر بين
2 و3% من الناتج الإجمالي المحلي على مستوى العالم.
