"تكية" كلمة دارجة بين
الجميع، نقولها من باب سخرية: "فاكر نفسك في تكية؟"، وهي كلمة يعود أصلها إلى التاريخ القديم، وتدل على الموائد والأماكن التي يأكل منها العامة والمحتاجين، وقد اختارتها "منة شاهين"، لإنشاء أول تطبيق في الشرق الأوسط لتقليل هدر الطعام،
حين قررت أن تحافظ على البيئة وتقضي على الجوع أيضًا، من خلال هذا التطبيق.
منة شاهين،
فتاة ثلاثينية تخرجت في كلية الصيدلة بجامعة عين شمس، وعملت لفترة في شركة أدوية، ولكنها
قررت أن تفكر خارج الصندوق، ولم ترغب في العمل في الصيدلة، حيث اكتشفت وجود مطاعم وفنادق ومحلات وبيوت تقوم برمي الطعام
الفائض من يومها في صناديق القمامة، والسبب في ذلك هو غياب وسيلة تواصل بينهم وبين المحتاجين
بشكل مباشر كل يوم، ففكرت في إطلاق تطبيق "تكية" ليكون هو نقطة التواصل،
وتكن هي نقطة نور للمحتاجين.
وبعد أن أطلقت منة شاهين التطبيق رسميًا
وبشكل فعلي عام 2020 ونجاحه في مصر، كأول البلاد المستجيبة افكرة التطبيق، تستعد حاليًا لإطلاقه هذا العام في دبي ومن بعدها السعودية، ولكن ما سر نجاح هذا التطبيق؟
وما علاقته بالبيئة، وماذا فعلت لتقدم مشروعها في منتدى شباب العالم؟ وهل فعلا
الأمير تشارلز يعرف بأمر "التكية"،
تفاصيل كثيرة خصتنا بها "منة" في FoodToday.
تكية
في منتدى شباب العالم 2019
وقفت "منة" تشرح فكرتها التي درستها جيدًا، في منتدى شباب العالم أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي
في عام 2019 ، وأمام شباب الدول المختلفة، لتوصل فكرتها التي تريد نجاحها بشكل
كبير، حيث قالت منة عن هذه الفترة: "كنت في غاية سعادتي وأنا أتحدث عن تكية في منتدى
شباب العالم كأول أبليكيشن من نوعه في الشرق الأوسط لتقليل إهدار الطعام، تجربة لن
أنساها أبدًا خصوصًا لما حين رأيت اهتمام الناس بها منذ اللحظة الأولى ومن جميع بلاد
العالم، كنت فخورة أنني أطلبت التطبيق في مصر كأول بلد".
الفكرة
جت منين؟
كل
المشاريع الناجحة أصلها مواقف شخصية، وهكذا كان الأمر مع "منة"، التي حكت لنا عن
"التفاحة" التي سقطت عليها فألهمتها بفكرة "تيكة"، حيث قالت:
"كنت وأصدقائي في مرة أمام محل سوشي والساعة كانت 9 بالليل،عايزين ناكل،
ورفضوا وقالوا المحل قفل، كنا شايفين لسة في أكل كتير قدامنا على النار جاهز،
أصروا على رفضهم بحجة إنها سياسة المكان، والمؤسف أننا عرفنا أن كل الأكل بعد
انتهاء اليوم بيترمي".
الحفاظ على البيئة بتقليل هدر الطعام
تكمل "منة" كلامها: "من وقتها بدأت البحث في الموضوع، واكتشفت أن الأكل المهدر من
ملوثات البيئة، وأننا لو حسبنا كمية الأكل المهدر في مصر، سنكون ثالث دولة ملوثة للبيئة
بعد الصين وأمريكا، وكان ذلك أول أسباب تفكيري في المشروع، ليس فقط للاستفادة من
الأكل المهدر وتوزيعه للمحتاجين، وإنما أيضًا كنوع من أنواع الحفاظ على البيئة
بعدما عرفت أن ذلك يساعد في تقليل انبعاثات غاز الكربون وثاني أكسيد الكربون الناتجة
من تحلل هذا الطعام".
73 كجم هو متوسط إهدار الفرد من الطعام سنويًا
من
بين الأرقام التي وجدتها منة أثناء بحثها قبل إطلاقها للمشروع، أن ثلث الأكل يتم
إهداره، في مصر فقط، يهدر الفرد ٧٣ كيلو طعام سنويًا، وفي الشرق الأوسط ٢٥٠ كيلو
سنويًا، وذلك حسب بيان أصدره بنك الطعام المصري في 2020، ووفقًا لمنظمة الأمم
المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، فهناك نحو 1.3 مليار طن سنويًا من
الأغذية الصالحة للاستهلاك تهدر على الصعيد العالمي، كما أن نسبة الطعام المهدر
عالميًا من المواد الغذائية المهمة للتغذية السليمة تصل إلى نحو 42% سنويًا
تقريبًا، بينما لا تتخطي نسبة الجوع 12%، وطبقًا
لدراسة أجراها مركز Center for Food & Nutrition Barilla عن إهدار الطعام، تأتي مصر في المركز السادس عشر
من مجموعة 25 دولة بعد المملكة العربية السعودية.
الربح
يضمن استمرار النجاح
أقدم الكثيرون على فكرة استغلال أكل "بواقي" المطاعم، بالهدف النبيل نفسه في
مساعدة المحتاجين، لكنهم لم يستمروا مثلما نجح "تكية" في الاستمرار
قرابة الثلاث سنوات إلى الآن، وكأن هناك خلل ما في القصة، "منة" أوضحت السبب ببساطة
قائلة: "لكي يستمر نجاح أي مشروع، لابد وأن يكون ربحي، وكلما زاد التأثير المجتمعي
لفكرتنا، كلما زادت أرباح مشروعنا، فيمكننا التوسع وأن نكبر بالحلم خارج حدود
البلد، الربح يخلي العجلة دايرة ماتوقفش.. صحيح نحن شركة ربحية، لكننا ذلك بتأثيرنا
المجتمعي وهدفنا الإنساني قبل أي شئ، فالجزء الأكبر من المشروع قائم على التبرعات،
والتبرع يكون فقط لصالح المؤسسات الخيرية ودور الأيتام، والنصف الآخر من المشروع
لمن يرغبون في شراء الوجبات بسعر مخفض، سواء لأنفسهم، أو للتبرع بها عن
طريقهم".
ماذا
عن خطتكم في رمضان؟
قالت صاحبة المشروع: "خطة
رمضان تعتمد على زيادة بند التبرع، بمعنى زيادة الوجبات التي يمكن للناس شرائها
بأسعار رمزية لإعادة التبرع بها، ونساهم كذلك في أن نكون حلقات وصل بين المطاعم
والمؤسسات الخيرية ودور الأيتام"، وأضافت: "هناك أكثر من 100 مكان يتعاونون معنا، من سوبر ماركت، ومحلات خضار وفاكهة، حلويات، مخابز، وبيوت أيضًا، لو طبخت أي عائلة كمية كبيرة ورغبت في التبرع بما تبقى منها، النظيف منها فقط يمكنها التبرع به من خلال الأبلكشين".
كيف
تضمنون جودة الأكل؟
لدينا
فريق مهمته اختبار الأطعمة عند استلامه، أو نذهب لفحصها بأنفسنا عند تجهيزها في
مكانها لنتأكد من سلامتها وأنها لم تلمس من قبل، ودائمًا ما نتأكد من أن الطعام فائض
وليس "بواقي"، وبخلاف
اختباراتنا الخاصة، نعتمد على ردود الأفعال من العملاء، بعد كل طلب، ولدينا مربع
خاص على التطبيق بالمحادثة، للتواصل السريع مع كل العملاء في حال وجود أي شكوى، ونسبة
وجود أكل دون جودة، تكاد تكون منعمدة منذ بدأنا، ربما كان ذلك أيضًا بموجب العقود التي أبرمناها مع كل مكان نتعاون
معه، ومنها سلامة الطعام، والإلتزام بتاريخ صلاحيته، ووضع الأيام المتبقية قبل
تناوله على التطبيق من باب الأمانة.
حكاية
الأمير تشارلز
وقالت "منة"؛ مشروع
"تكية" شارك في مسابقات دولية ومحلية بالنسبة لي غاية في الأهمية، من
بين تلك المسابقات، فزت بمشروعي "تكية" بالمركز الأول وجائزة مالية
قدرها 100 ألف جنيه من مسابقة "مصر تبدأ"، وهي مبادرة مصرية لدعم الآلاف
من رواد الأعمال المصريين بتمويل بريطاني، واستضافت على أثرها مصر، الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني وأمير ويلز، ضمن فعاليات منتدى "مصر تبدأ" السنوي
2021، وكان ذلك بالحرم اليوناني، وكان في المقابلة أيضًا الدكتورة
ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، وكنت في غاية سعادتي حين وجدت الأمير تشارلز يعلم
بالتطبيق وقال لي أنه معجب به جدًا، وأنه سبق له تنفيذ تطبيق مشابه في لندن وشكرني
على ما أٌقوم به، وكذلك أثنت على مجهودنا وزيرة البيئة، وشعرت حينها بنجاح مشروعي، خاصة بعد أن فاز "تكية" أيضًا بجائزة الشركات الناشئة العالمية بأفريقيا.
إزاي
نستخدم الأبلكيشن؟
يقدم
التطبيق مجموعة متنوعة من الأصناف" المعجنات، فواكه، خضروات، حلويات، وغيرها،
فقط يمكنك التسجيل عبر التطبيق ثم اختر منطقتك، ستظهر جميع المطاعم والمتاجر
القريبة منك التي بها فائض من الطعام، يمكنك اختيار أي مادة غذائية تريدها بخصم
50% وإضافتها إلى عربة التسوق الخاصة بك، وسيتصل بك شخص من فريق العمل لتوصيل طلبك
وكذلك يمكنك التبرع عن طريق اختيار أي عنصر غذائي ترغب في التبرع به ثم النقر فوق
"تبرع "، وسوف يتواصل معك المسئول عن التبرع، وإن كنت صاحب مطعم أو فندق
يمكنك مراسلة التطبيق وسيرسل مندوبه بالمنطقة الخاصة بك، ويمكنك للكل تحميل
التطبيق عن طريق جوجل بلاي أو app store بكل سهولة والتمتع بمنتجات "التكية".
بعد مصر رايحين فين؟
وفي ختام حديثها قالت "منة" أحلم بأن تطبيق "تكية" يوصل كل الدول العربية، غطينا أغلب محافظات مصر، وسينطلق التطبيق في دبي هذا العام، ومن بعدها السعودية، مضيفة: "نفسي الناس تفهم إن الإبلكيشن لا يقدم بواقي الأكل، "لسة في ناس بتقلق"، إنما بنقدم فقط فائض طعام أشهر المطاعم والفنادق والمحلات، بنصف الثمن، نفسي أزود الوعي للناس ولأصحاب كل المطاعم".
وتحت
شعار "معا للحفاظ على النعمة.. لا لإهدار الطعام"، تهدف "منة شاهين" لمحاربة الفقر والجوع وحماية البيئة وتقليل هدر الطعام، وقدرت تحقق حلمها جوة مصر والرحلة مكملة للخارج،.. ها لسة ما نزلتش
الأبلكشين؟!