توثيق الأكلات المحلية والشعبية والتراثية يعود لآلاف الأعوام، وكان العرب هم من أوائل الشعوب التي وثقت أكلاتها في العديد من كتب الطبخ التي أوضحت طرق عمل ومكونات أشهر الأكلات في العصور القديمة، ومن أحد هذه الكتب هو كتاب "الطبيخ" لابن سيار وهو من أشهر الكتب في مجال الطهي العربي القديم.
العنوان الأصلي للكتاب
كتاب "الطبيخ" هو كتاب طهي لابن سيار الوراق ويعد من أقدم كتب الطبخ العربي، ويعود تأريخه إلى منتصف القرن العاشر الميلادي تحديدا عام 940، وكتاب "الطبيخ" هو العنوان المختصر من عنوان الكتاب الأصلي، والعنوان كاملاً هو: "كتاب الطبيخ وإصلاح الأغذية والمأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات مما استخرج من كتب الطب وألفاظ الطهاة وأهل اللب".
محتويات الكتاب
يحتوي الكتاب على أكثر من 600 وصفة، مقسمة إلى 132 فصل، ويحتوي الكتاب على فوائد صحية وطبية ونصائح غذائية وكذلك وصفات عملية لأصناف متنوعة من الطعام والشراب والحلوى وحتى أطعمة المرضى وأطعمة الصوم للمسيحين.
وليس وصفت الطعام فقط، بل يحتوي الكتاب أيضا على طرق لتنظيف الأيدي وتخليل الأسنان وآداب الطعام -اتيكيت- وربما يعد من أقدم الكتب في العالم التي تحدثت عن اتيكيت الطعام، كما يحتوي الكتاب على أبرز ما قيل في الطعام وآدابه من الشعر.
مخطوطة قديمة للكتاب
لأن عصر الدولة العباسية كان عصر ازدهار في الأدب والشعر والتأليف، لذلك ألّف ابن سيار الكتاب بعد طلب رئيس الدولة الحمداني الذي أمره بتجميع كتاب يحوي وصفات الخلفاء والسادة والقادة.
ويُعتقد أن الوصفات التي تم العثور عليها في ثلاث نسخ كاملة وقسم من أخرى رابعة وُجدت حتى الآن من هذا الكتاب القيّم، كانت لأطباق يفضلها بعض الخلفاء العباسيين كالمهدي والمتوكّل والمأمون ابن الخليفة هارون الرشيد.
من أنواع الخبز وحده، يذكر الكتاب 15 نوعاً، ويفصل مواد وطريقة تحضير كل منها، وللكثير من هذه الوصفات أسماء مختلفة عن الأسماء التي نعرفها اليوم، لكن بعضها ما زال مستخدماً، مع إدخال بعض التعديلات عليه، فيذكر المؤلف أطباقاً تحضر بمرقة الرخمين، وهو قريب مما يستخدم اليوم في تحضير المنسف الأردني، ومثال آخر هو الحلوى المحشوة التي تشبه الكعك العراقي كليتشا. وربما الأكثر رواجاً حينها كما هو الحال اليوم، أكلات اللحم المشوي.
أطباق نباتية
ذكر الكتاب أيضا بعض الوصفات لأطباق نباتية، التي يسميها المؤلف "مزورات"، وومن الحلوى: القطايف التي لا تزال تحمل الاسم نفسه في مصر وبلاد الشام اليوم، كما يعرض الكتاب طبايع الألبان وما يعمل منها في الأجبان، والحبوب والخبز من الحنطة والرز، وما يوافق المعدة العليلة من الأطعمة المأكولة، والشوي في التنور وشي اللحم في القدور، وتدبير الماء المشروب بالثلج المضروب، وما يأكل النصارى من الطعام "المزور" في الصيام، والطعام المزوّر هو الطعام النباتي الذي يتحايل بطبخ عجة من غير بيض، ولبن من غير ضرع، وهريسة فيها عوض الدسم الطحين من السمسم واللوز المدقوق.
