لا يصح إلا الصحيح، وسواء اختلفنا أو اتفقنا لا توجد
أكلة أنسب من البصل إلى جوار الرنجة والفسيخ في العيد، ورغم أن أغلبنا لا يعرف "أيه
العلاقة"، لكن هذا ما وجدنا عليه أباءنا، نأكل البصل الأحمر والأصفر وأحيانا الأخضر ليُلطف ما تفعله بنا أملاح الرنجة والفسبخ.
يشتهر البصل في كل مكان برائحته التي لا
جدال على قوتها النفادة، غير أنه مكوناً
أساسياً في العديد من الأطباق بالثقافات المختلفة وقد أحبه الناس منذ العصور
القديمة وقدّروه، ليس فقط لنكهته المميزة أو فوائده الصحية للجسم؛ بل لأنهم
اعتقدوا أنه يربطهم بالعالم الآخر وله قدرات علاجية عظيمة، وتم استخدامه كغذاء في الألعاب الأولمبية
القديمة، كما تم وضعه في رفات المومياوات المحنطة لترافقها للعالم الآخر، إلى أن وصل إلى أكله مع الفسيخ والرنجة في أيامنا تلك.
تعرف معنا على تاريخ البصل الذي يعود لأكثر من 5 آلاف سنة وكيف أنقذ أوروبا من الجوع في العصور الوسطى.
لا يوجد رأي قاطع حول المكان الدقيق وأول وقت لزراعته أو اكتشافه، ولكن يعتقد العديد من علماء الآثار وعلماء
النبات ومؤرخي الطعام أن البصل نشأ في آسيا الوسطى، بينما تشير أبحاث أخرى إلى أن
البصل نما لأول مرة في إيران وغرب باكستان، وفقاً لموقع Food
reference.
اتفق معظم الباحثين على أن
البصل قد تمت زراعته منذ 5000 أو 6000 عام، كما أنه مذكور على الألواح البابلية
القديمة في شكل وصفة يعود تاريخها إلى 1700-1600 قبل الميلاد.
يعود تاريخ البصل في مصر إلى 3500 قبل الميلاد كما يعتقد المؤرخون، وهناك أدلة على أن السومريين زرعوا البصل منذ 2500
قبل الميلاد، وذلك فقاً لنص سومري يحكي عن شخص يحرث قطعة أرض مزروعة بالبصل، وقد كان من أوائل المحاصيل المزروعة
تاريخياً؛ لأنه كان أقل قابلية للتلف من الأطعمة الأخرى في ذلك الوقت، وكان قابلاً
للنقل، وسهل النمو، ويمكن زراعته في مجموعة متنوعة من الأتربة والمناخات.
أحب المصريون القدماء البصل واعتقدوا أن شكله الدائري وحلقاته متحدة المركز ترمز إلى الحياة الأبدية، وبالنسبة لهم كانت طبقات البصل العديدة تمثل دوائر الجنة والأرض
والجحيم، لذلك وضعوا هذا الخضار بين رفات الموتى وقبور الفراعنة لمرافقة أرواحهم
في الحياة الآخرة، كما تظهر رسومات البصل على الجدران الداخلية للأهرامات وفي
المقابر الملكية، حيث تظهر الرسوم أحياناً أحد الكهنة يبارك البصل ويضع أوراقه وجذوره
عند المذبح.
ويوصي ممارسو الطب الصيني التقليدي بالبصل
النيء حتى يومنا هذا لضعف جهاز المناعة، كما أن هناك بيانات غذائية تدعم هذه
الممارسة، فالبصل غني بفيتامين سي، الذي يلعب دوراً هاماً في تعزيز مناعة الجسم، كما أنه يحتوي على السيلينيوم، وهو معدن يساعد على تحفيز وظيفة الجهاز المناعي
واستجابته أيضاً.
وقبل المنافسة مباشرة، كان يقوم الرياضيون
أيضاً بتدليك البصل في جميع أنحاء أجسامهم لمزيد من المرونة، فقد
أظهرت الدراسات الحديثة أن استخدام اليونان القديمة للبصل في الألعاب الأولمبية
كان مفيداً بالفعل، فالبصل له خصائص مضادة للالتهابات التي تؤثر على مرونة
العضلات، بالإضافة إلى إبطاء الضرر التأكسدي للخلايا والحماية من أمراض القلب.
All rights reserved. food today eg © 2022