البقلاوة هي مثال حي على براعة الإنسان في تطوير الطعام الذي لا يغذي
الجسم فحسب، بل يجلب السعادة للعقل والروح أيضًا، فقد عرفها العالم
من المطبخ التركي في عهد الملك محمد الرابع، وبدأت قصتها حين قررت زوجته "رابعة كلنوش سلطان"
التي تعرف مدى حبه للطعام، بابتكار نوع جديد من الحلوى ذات مذاق مميز، فقامت بعمل رقائق من الدقيق وصنعته من طبقات محشوة بالمكسرات ثم أضافت عليه العسل، وقامت بتسويته، وحين تذوقها الملك أعجبته كثيرًا وأطلق
عليها اسم "بقلافة" والتي تحرفت بعد ذلك إلى بقلاوة، وهي اشتقاق من كلمة بقوليات.
تطوير البقلاوة في مطابخ العالم القديم
وتم تطوير البقلاوة في مطابخ
الإمبراطورية باسطنبول، وكانت تقدم في منتصف شهر رمضان في موكب احتفالي بتركيا يسمى "البقلاوة علي"، وتوجد أقدم وصفة لطبق يشبه البقلاوة، في القرن الثاني قبل
الميلاد في العصر الروماني، وهي فطيرة رقيقة الطبقات مغطاة بالعسل ومحشوة بجوز الهند، وتوجد أيضًا بعض أوجه التشابه بين البقلاوة
والحلويات اليونانية القديمة، ومع ذلك فإن الوصفة القديمة كانت تُحشى بالمكسرات والعسل،
مع طبقة علوية وسفلية من العسل والسمسم المطحون الشبيه بالحلاوة الطحينية.
البقلاوة تُقدم في الأفراح اليونانية
تم توثيق كلمة "بقلاوة" لأول مرة في اللغة الإنجليزية عام 1650، وهي مقتبسة
من التركية العثمانية بقلافة، ويستخدم اسم "بقلاوة" في العديد من اللغات مع اختلافات
طفيفة في الصوت والهجاء، وكطبق حلو وغني يتطلب وقتًا وتكاليفًا في
تحضيره، يُنظر إلى البقلاوة عمومًا في اليونان كطبق مخصص للمناسبات الخاصة، وتعتبر البقلاوة
من أهم الحلويات التي يتم تقديمها في الأفراح.
البقلاوة في أوروبا
وفي أوروبا يتم تقديم البقلاوة في عدد من الاحتفالات مثل عيد الميلاد المجيد وعيد الفصح، ويتم صنعها من 40 ورقة من الجلاش، والتي ترمز
إلى الـ40 يومًا من الصوم الكبير، وأحيانًا تصنع من 33 ورقة، في إشارة إلى
سنوات حياة المسيح الـ33.
طريقة عمل البقلاوة اليوم
تعد البقلاوة اليوم نموذجًا لمطابخ بلاد
الشام والشرق الأوسط الأوسع، جنبًا إلى جنب مع اليونان وجنوب القوقاز وبلاد البلقان والمغرب
العربي وآسيا الوسطى، وتشتهر مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا ببقلاوة الفستق الحلبي، وقد حاولت تركيا كسر الرقم القياسي في قمة فن الطهي التي
أقيمت في أنقرة عام 2018، وكانت تزن 513 كجم.