لكل شعب
طقوسه وعاداته وتقاليده التي يتميز بها عن أي شعب آخر، وتتجلى مظاهر الاختلاف تلك
في الأعياد، وبعد صيام دام ثلاثين يوما نستقبل عيد الفطر بالفرحة وتجمع العائلات،
ولا شيء أحلى من تناول الطعام المحلي وقتها، لذلك فإن للمغاربة طقوسًا مختلفة
وجميلة في استقبال عيد الفطر.
إيه هي البسطيلة؟
في أيام العيد تطهو العديد من البيوت أكلة البسطيلة، وهي نوع
من المعجنات المصنوعة من العجين والمحشوة بالبصل، والحمام أو الدجاج، أو الديك
الرومي، أو المأكولات البحرية، البقدونس، الكزبرة، البيض المسلوق واللوز، خليط من
الحلو والمالح، بنكهة القرفة.
ونظرا لكون المغرب العربي منفتح الثقافة وما نجده في
تونس نجده في المغرب والجزائر، فإن هذه الأكلة مشهورة أيضا في تونس باسم
طاجين مسلوقة، كما أنها موجودة أيضا في المطبخ الجزائري وهي أكلة المناسبات
والأعياد، وطبقا رئيسيا في الدول الثلاث.
يطلق اسم ورق البسطيلة أيضا على أوراق رقيقة من العجين
تسمى في المغرب "الورقة" وهي تشبه "الديول" في الجزائر
و"البرواك" في تونس، وهي ضرورية لصناعة أكلة البسطيلة، لكن ماذا عن
أصلها؟.
خلاف حول أصل البسطيلة
وبحسب المدون المغربي بدر عزيز على قناته على يوتيوب، والذي
حكى عن أصل البسطيلة، قال إن هناك خلاف حول أصل البسطيلة، فالبعض يقول إنها من
المشرق العربي والبعض يقول إنها أندلسية، بينما يرجح البعض الآخر أن اليهود في
المغرب هم أول من صنعوها.
وقال بدر عزيز، إنه لا يوجد مرجع واحد يؤكد أنها تعود
إلى المشرق العربي ودول بلاد الشام والخليج العربي لأن المكونات الرئيسية في هذه
المطابخ مختلفة ومن يقول إنها تشبه البقلاوة، فإنه يؤكد أنها لا تتشابه معها من
قريب أو بعيد معها كما أنها ليست طبقا رئيسيا ولا موجودة في الأعراس والمناسبات
السعيدة والأعياد كما هي موجودة في بلاد المغرب العربي.
واستند بدر عزيز على أحد كتب الطبخ العربية المشهورة وهو
كتاب "الطبيخ وإصلاح الأغذية والمأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات مما استخرج
من كتب الطب وألفاظ الطهاة وأهل اللب"، والمكتوب في القرن الرابع الهجري على
يد ابن يسار الوراق، ويحتوي هذا الكتاب على أكثر من 600 وصفة، ولا توجد بها وصفة
واحدة للبسطيلة،
والكتاب
يتحدث عن وصفات من المشرق العربي، واستند أيضا لـ "كتاب الطبيخ"
لمحمد ابن الحسن البغدادي، والذي كتبه حوالي عام 226 ميلادية، ويحكي عن وصفات
العراق، ولم يذكر في أي منها البسطيلة، وكتاب "كنز الفوائد في تنويع
الموائد" والذي يحكي عن أبرز وصفات الطبخ في القاهرة، ولم يذكر أيضا الكتاب
وصفة للبسطيلة أو أي وصفة شبيهة بها.
البسطيلة أصلها مغربي
وقال المدون المغربي، إن أحد الكتب المغربية عن الطبخ أكدت أن
البسطيلة أصلها مغربي، وذلك لأن فكرة الحشو لم تكن موجودة في ثقافة الطبخ في الشام
أو المشرق العربي عموما، لافتا إلى أن كتاب "أنواع الصيدلة في ألوان
الأطعمة" والذي يتحدث عن الطبخ في المغرب العربي والأندلس في عصر الموحدين،
ذكر أن هناك أكلة تسمى البرمكية، وهي أكلة تشبه في طريقة عملها البسطيلة.
فيما ذكر كتاب آخر وهو "فضالة الخوان في طيبات
الطعام والألوان" والذي يتحدث عن الطبخ المغربي والأندلسي في القرن الثالث
عشر، والتي يصف فيها طريقة عمل البسطيلة، ويقول إنها أكلة معروفة في المغرب
والأندلس لقرون طويلة، مؤكدا أنه ليس أندلسيا وإلا كنا وجدناه في كتب الطبخ
الأندلسية.