التريند والاحترام... أين ذهب الذوق العام؟
في ظل السعي المتواصل نحو التميز والابتكار، نشهد اليوم ظاهرة جديدة في بعض المطاعم، حيث يتم تقديم الطعام مباشرة على ورق مفرود على الطاولة، دون استخدام أطباق أو أدوات تناول الطعام. هذه الموضة، التي تُقدم كنوع من الترفيه والـ"تريند"، أثارت انتقادات واسعة وطرحت تساؤلات حول مدى احترام هذه التجربة للزبائن وقيم الضيافة والذوق العام.
الانحدار في معايير الخدمة
ما كان يُفترض أن يكون تجربة جديدة وممتعة تحول إلى حالة من الفوضى والإهانة للزبائن. فبدلًا من أن يتم تقديم الطعام بطريقة تليق بالإنسان، أصبح يُلقى على الورق وكأنه طعام للحيوانات. هذا الأسلوب يفتقر إلى أبسط معايير النظافة والراحة، ويُظهر تهاونًا من قبل المطاعم في احترام عملائها. كيف يمكن اعتبار تجربة كهذه ممتعة بينما تُجبر على تناول طعامك وكأنك في مشهد بدائي لا يراعي أبسط قواعد الذوق؟
التسويق على حساب الجودة
أحد الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة هو السعي وراء "التريند" وتفاعل "الفود بلوجرز" الذين يسهمون في الترويج لهذه الأساليب الغريبة. في المقابل، تتراجع معايير الجودة والخدمة. فبدلًا من التركيز على تقديم وجبات لذيذة ومُعدة بعناية، أصبحت المطاعم تتسابق في تقديم تجارب مختلفة لجذب الانتباه على حساب راحة الزبون واحترامه.
اللافت في الأمر أن بعض الزبائن يقبلون بهذه الطريقة، بل ويعتبرونها جزءًا من تجربة ممتعة. هذا القبول يعكس تغيرًا في الوعي الاجتماعي، حيث باتت التجارب السطحية والجديدة تغلب على القيم التقليدية المتمثلة في الاحترام والنظافة والكرامة. فهل أصبحنا نبحث عن الترفيه بأي ثمن، حتى لو كان على حساب راحتنا وكرامتنا؟
الابتكار والتجديد في عالم المطاعم أمر مرحب به، لكنه يجب ألا يكون على حساب القيم الأساسية للضيافة واحترام الزبائن. هذه الظاهرة ليست مجرد طريقة لتقديم الطعام، بل هي انعكاس لتحولات اجتماعية تحتاج إلى وقفة نقدية. إن احترام الإنسان في تفاصيل بسيطة، كطريقة تقديم الطعام، هو ما يميز المجتمعات الراقية عن غيرها. ولذلك، يجب علينا أن نعيد التفكير في ما نقبله كـ"تريند" وما نرفضه كمساس بكرامتنا وإنسانيتنا.