ما أجمل مذاق الطعام المطهو على الحطب، مقولة يرددها من قام بتذوق طعام تم طهوه على الفحم أو الحطب بعيدا عن أفران الغاز أو الكهرباء رغم ما يستغرقه من ساعات طويلة في نضجه، فبين حين وآخر ينتظر الفرد أن تأتيه فرصة لتناول طعام أو شرب كوب من «الشاي» أعد بهذه الطريقة التقليدية التي طالما اعتمدت عليها البيوت الريفية.
في قلب القاهرة متاح لك الآن أن تتذوق طعام الماضي في ذلك المطعم الفلسطيني الجديد الذي يقدم الطعام المطهو على الحطب وذلك لأول مرة في مصر، المطعم يحمل اسم «دار جدودنا» ويقع في حي المهندسين، رافعا شعار «مذاق زمان صار له مكان»، حيث يتخصص في تقديم الطواجن والمشاوي والمعجنات والحلويات الفلسطينية بشكل خاص والشامية بشكل عام، أما ما يضفي تشويقا على الشعار أن تجده متبوعا بكلمة "منذ 1846م" .
صاحب هذا المطعم ومديره الفلسطيني «بسام سلوادي»، يشير إلى أن مطعمه قد أنشئ قديما في تلك السنة التي يرتبط بها اسمه في مدينة رام الله الفلسطينية، كان مملوكا لأجداده، وكان في ذلك الوقت عبارة عن فرن صغير يقدم الخبز وبعض الطواجن المطهوة على الحطب وتقدم في قدور نحاسية، واستمر على ذلك لتتوارثه الأجيال عقدا بعد عقد، حتى وصل المطعم إلى ملكيته قبل عشرين عاما، ليقوم بتوسعته وتطوير مأكولاته بإدخال ماكينات وأفران حديثة مع الحفاظ على ذات الطريقة التقليدية.
استمر الركود الاقتصادي في الضفة الغربية الفلسطينية لفترة طويلة، قرر «بسام» نقل نشاط مطعمه إلى مصر، بسبب عدد السكان الكبير وما يشتهرون به من عادات غذائية مُحبة للطعام إلى جانب نوعية الشعب المضياف، ليستعيد المصريون رائحة الطهو على الحطب والتي كانت من سمات المطبخ القروي.
يقول بسام مالك المطعم ان الطريقة التي يتم طهو الطعام بها في المطعم غير المنتشرة عربيا: «استخدامنا للحطب يحمل نفس ملامح الطريقة القديمة مع تطويرها لتكون تجارية وعملية وذات مذاق، ومع أنها تبدو سهلة إلا أنها ليست كذلك، فالفكرة تقوم على أن يأخذ اللحم أو الدجاج جزءا من الدخان (الدخنة) الناتج عن احتراق الحطب لكي يعطي مذاقا خاصا له، لكن بشرط ألا تزيد كمية الدخان أو تنقص، حيث انها تتطلب إحداث توازن بين حرارة النار والدخان المنبعث منها، بحيث يضرب جزء مقّدر من هذا الدخان ما يراد طهوه، والجزء الزائد يتم التخلص منه، فإذا زاد هذا الدخان عن الحد تحدث مرارة بالطعام وإذا قل لا ينضج الطعام بالشكل المطلوب .
يفتح المطعم أبوابه على مدار الساعة، ويتسع لمائتي فرد، وأسعاره مناسبة، فقائمة الطعام تم تقسيمها إلى أقسام، فهناك قسم للساندوتشات التي تشوى لحومها على الحطب، ثم الأطباق (الطابون) وأبرزها الدجاج المسخن والمقلوبة ورقبة الخروف المحشوة والكفتة بالطحينة وورق العنب والرز بالمكسرات على الحطب وجميعها تستعمل الفخار، بخلاف المقبلات الشامية، وقسم خاص للمشاوي على الفحم، وكذلك الخبز المميز الذي يتم خبزه على حجر الفرن الموجود بأرضيته حيث ترمى عليها العجين بعد تسخينها مع الحطب، إلى جانب الحلويات الشامية وأبرزها الكنافة بالجبنة والتي تصنع خصيصا داخل المطعم.